اختتم مؤتمر «صحافة الموبايل ومستقبل الإعلام – الفرص والتحديات» فعالياته والذي أقامه قسم الإعلام السياسي في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالتعاون مع شركة كان بي للتدريب والذي قدم خلال يومين 12 جلسة حوارية و8 ورش تدريبية للصحفيين وطلبة كليات الإعلام.
ومن جلسة الإعلام الجديد التي أدارتها الكاتبة الصحفية الدكتورة رضوى عبد اللطيف المدير التنفيذي لشركة كان بي للتدريب، استعرض المشاركون العديد من القضايا المتعلقة بمنصات السوشيال ميديا ومدى تأثرها بصحافة الموبايل. في البداية تحدث خالد البرماوي الصحفي والخبير الرقمي عن أهم مراحل صناعة المحتوى وأهم المهارات التي يجب أن يتقنها الصحفي.
وقال: «قبل تقديم أي محتوى يجب أن نعرف الفرق جيدًا بين ما يعرف بالمعايير المهنية والمعايير الاخلاقية، فالمعايير المهنية هي القواعد التي تنظم المهنة أما المعايير الأخلاقية فهي تخضع للمجتمعات فما يصلح في المجتمعات الغربية لا يصلح لدينا، وعملية صناعة المحتوى الرقمي تمر بخمس مراحل أساسية تبدأ بالفكرة التي يجب أن تتماشى مع اهتمامات الجمهور، فنحن مطالبون بتقديم ما يريده الناس وفي نفس الوقت ما يتناسب مع قواعدنا المهنية والأخلاقية. ومن الخطأ تركيز البعض على ما يهم الناس أو ما نسميه الترند».
وأضاف: الموبايل هو أسرع وسيلة لجمع الأخبار وتغذي أفكار الصحفي، وواقع الأمر أن هناك نقص في فهم هذا الجيل فهذا ليس جيل حفظ واختزال المعلومات ولكنه جيل يجيد البحث والابتكار والتطوير. المرحلة الثانية هي مرحلة جمع المحتوى وأفضل أداة هنا هي الموبايل وصحافة الموبايل سهلت كثيرا مسألة جمع المحتوى خاصة في الصحافة الخبرية والأشكال الصحفية الأخرى التي تأتي بعد الخبر مثل إجراء الحوارات والمقابلات.
وبعد ذلك تأتي مرحلة الكتابة أو الصياغة أو التحرير أو إعداد الفيديو والمونتاج سواء نص أو صورة أو فيديو باستخدام الموبايل أو الكمبيوتر ورابع مرحلة هي مرحلة نشر وتوزيع وتسويق المحتوى وهي مهام مختلفة عن بعضها البعض، وأخيرا تأتي مرحلة إدارة المحتوى بعد متابعة الأرقام والإحصائيات وما أعجب الناس ورد فعلهم على ما نشر كل هذه المعلومات تساعد في إدارة المحتوى كي نعيد العملية من البداية وفقا للمعطيات الجديدة. والموبايل هام جدا في كل تلك المراحل.
وحول تحدي انتشار المحتوى المضلل على منصات التواصل الاجتماعي والذي ظهر بوضوح بعد أزمة كورونا تحدث أحمد عصمت رئيس منتدى الإسكندرية للإعلام قائلًا: «فكرة وصف الأخبار بانها كاذبة أضرت بالمهنة كثيرًا، فكلمة خبر صحفي تعني أن محتواه صحيح، والاصح أن نقول أن هناك خلل أو اضطراب معلوماتي، وعلاقة صحافة الموبايل بموضوع الخلل المعلوماتي وطيدة جدا، فقد شاهدنا برنامج تلفزيوني يذيع لقطات غير حقيقية وينشرها على صفحاته على السوشيال ميديا، وبرامج أخرى أذاعت لقطات من لعبة على أنها لقطات حقيقية، كل هذا يتم في إطار أننا نضحك ونجلب ترافيك للمحطة والموقع».
وتابع: مثال آخر نذكره بوضوح عندما استيقظنا ذات يوم على خبر سقوط ميكروباص في النيل وظلت المواقع تنشر لمدة ثلاثة أيام حتى تم تفريغ كاميرات أثبتت ان السور مكسور ولا يوجد أي شيء سقط في النيل. ألموضوع ليس مرتبطا بصحافة الموبايل ولكن بأيدلوجية الشخص الذي يحمل الموبايل وهذا شيء كارثي. في النهاية الموبايلات أداة مثل القلم ولكن كيف نستخدمه ونوظفه؟
وأضاف: الخلل المعلوماتي أصبح مرتبط بالترند ولدينا مؤسسات إعلامية وظيفتها أن تصنع ترند صباحا ثم تنفيه ظهرا وتصنع عن النفي قصة في نهاية اليوموهم سعداء بجمع المشاهدات والأموال.
ولكن أحب أن أبشرهم بأن خوارزميات السوشيال ميديا تعمل الآن على سد الثغرات التي تحدث وبالتالي فالمحتوى الذي يقدمونه بهذا الشكل لن يصل لأحد بوصفه محتوى مضلل. من المهم جدا ألا نأخذ الموبايل وننحدر به لأسفل لأنه لم يعد لدينا الكثير لنصعد به لأعلى.
وفي سؤال حول أسباب فشل المؤسسات الإعلامية في تسويق المحتوى الذي تقدمه تحدث المهندس فادي رمزي خبير الإعلام الرقمي أن موضوع التسويق يبدأ من المرحلة الأولى بالنسبة لصحافة الموبايل، فعلى الصحفي أن يفكر من البداية وهو يخطط لعمل تقرير فالتسويق هنا يبدأ من التخطيط، هل الفيديو سيكون رأسي أم أفقي؟ أين سيعرض؟ على أي منصة؟ نوع الإنتاج نفسه قصة أو فيديو طويل أو لايف أو تراك صوت للمنصات الصوتية، فالمحتوى يمكن إعادة تقديمه بأكثر من شكل. والتسويق الجيد تحدده 3 عناصر: التوقيت وآليات كل منصة والدراسة الجيدة للجمهور من خلال التحليلات، وأي فريق رقمي لديه شخص وظيفته أنه محلل لاحتياجات الجمهور. وأيضا يجب أن تعرف المؤسسات لو لم تستطيع قياس الآداء لن تتمكن من إدارة المحتوى.
وفي مداخلة بعنوان “هنشتري فاكس ” تحدث أحمد الشيخ الصحفي والخبير الرقمي عن فكرة تطوير الأداء الإعلامي باستخدام التكنولوجيا الجديدة.. الاسراع والجري وراء المليون مشاهدة على اليوتيوب وعلى الفيسبوك وعلى الانستجرام وكل منصة لها طبيعة ومجهود خاص.. البعض يعتقد أن تجهيزات التصوير بالموبايل كافية للوصول للمليون مشاهدة ونحقق أموال طائلة من اليوتيوب والإعلانات، ولكن هذا ليس الواقع،
أذكر أول تدريب حضرته في صحافة الموبايل كان عام 2011 في بي بي سي، كانت فكرة جديدة وقتها ولكن البي بي سي كانوا متقدمين في هذا المجال ولم يكن الأمر يقتصر على انتاج تقارير بالموبايل ولكن كانوا يربطون موبايلات المراسلين بغرفة الأخبار، وبالتالي كان التليفون المحمول جزء من نظام صناعة الأخبار، وكان لديهم تطبيق للبث صوتيا من الموبايل، وبالتالي لا نستطيع أن نتحدث الآن عن صحفي يصنع تقارير بالهاتف المحمول ولكن يجب أن نبحث عن القيمة المضافة، والأساس هنا هو صحافة الموبايل الحس الصحفي أولا والمهارات الصحفية ثانيا وليس الموبايل. لذلك لتحقيق المليون مشاهدة يجب أن يكون لدى الصحفي المهارات الصحفية والمعلومات وروح المبادرة ويحتاج تحديد الاستراتيجية ومعرفة احتياجات الجمهور.
وحول الحرب الأوكرانية وما أظهرته من انحياز المنصات الرقمية لأحد أطراف الصراع واتخاذها لإجراءات منحازة وخطورة هذا الأمر في مسألة عرض الأخبار.
أشار البرماوي أنه من المفترض أن تكون منصات السوشيال ميديا لنشر وتوزيع المحتوى ولكن تستخدم لنشر أفكار يريدها الناس أو بمعنى آخر تتبع سلوك الناس وتقدم لهم ما يريدون. ونحن كصحفيين يجب أن نكسر اللوغريتمات ولا ننتظر أن تأتينا المعلومة.
وفي سؤال حول إمكانية أن ننشئ منصات رقمية عربية، أكد عصمت أنه لدينا في مصر كوادر على أعلى مستوى لديهم القدرة على العمل في كبرى المنصات العالمية، وقبل سنوات كان لدينا بعض التجارب مثل تجربة شارك، لذا من الخطأ القول إنه ليس لدينا كفاءات. واعتقد أننا يجب أن ندرس التجربتين الروسية والصينية في عمل منصات موازية ولأفريقيا أيضا تجارب ناجحة.
وحول المهارات التي يجب أن يتقنها الصحفي اليوم أشار أن الصحفي اليوم لم تعد وظيفته بالشكل التقليدي الذي كان من قبل لكن نحن نحتاج صانع محتوى بكافة أشكاله يعمل فيما يسمى الميديا وصناعة الترفيه وهذا يجعل التحرك من الداخل هو المطلوب بمعنى أن كليات الإعلام عليها أن تطور من مناهجها وتعطي للتدريب العملي الأولوية، كذلك المؤسسات الإعلامية عليها أن تضخ ميزانيات جيدة للتدريب.
أما إشكالية خصوصية المستخدمين في عصر الإعلام الرقمي مقابل مطالبة صناع المحتوى الآن بتقديم محتوى مخصص لكل مستخدم وفقا لسلوكه واهتماماته على السوشيال ميديا، تحدث المهندس فادي أن كلاهما يسيران بالتوازي فالمنصات ستظل تجمع معلومات عن المستخدمين وتطبيقات الهواتف الذكية تقوم بذلك حتى وهي غير متصلة بشبكة الإنترنت. ومن يريد الخصوصية عليه بالعودة للهواتف القديمة. أما تخصيص المحتوى فهو المستقبل وهناك ما يعرف باقتصاد صناع المحتوى وتقريبا معظم المنصات تقدم الآن برامج لصناع المحتوى.