تستعد مومياوات ملوك وملكات مصر الـ22 لمغادرة مقرها بالمتحف المصري بالتحرير الذي كان مستقرها لنحو 119 عاما لتنتقل غد السبت في موكب أسطوري لمقرها الدائم في المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط.
وعن تاريخ المومياوات الملكية، قال الباحث الأثري تامر المنشاوي إنه تم دفن ملوك وملكات وكبار رجال الدولة الحديثة ( الأسرات من الـــ 18 وحتى الــ ٢٠) في مقابرهم المنحوتة في جبانة “طيبة بالأقصر، إلا أنه حدث وسُرقت محتویات معظم هذه المقابر في نهاية عصر الأسرة الـــ٢٠.
وأضاف أنه في عصر الأسرة الــ 21 قام كهنة آمون بحماية وجمع مومياوات ملوك مصر العظام الذين سرقت مقابرهم ونزعت رقائقها الذهبية من على التوابيت وأعادوا لفها باللفائف ووضعوها في توابيتها أوفي توابيت جديدة وأعادوا دفنها في خبيئتين “الدير البحري” و”مقبرة أمنحتب الثانى”.
وأشار إلى أن خبيئة الدير البحرى هى مقبرة عميقة منحوتة في الصخر (رقم 320) في وادي يقع جنوب معبد الدير البحري كانت مخصصة للأميرة ” این حابی”، من الدولة الوسطى وقد عثر أهالي القرنة على هذه الخبيئة حوالی عام 1875 وظلوا يسرقون منها الآثار حتى عام 1881.
وأوضح أن تلك الخبيئة وجد بها مومياوات ( سقنن رع – وأحمس – وأمنحتب الأول – وتحتمس الأول وتحتمس الثاني – وتحتمس الثالث ــ ورمسيس الأول – وسيتى الأول ورمسيس الثاني – رمسيس التاسع – بانچم الثانی ) وسبع مومياوات أخرى لملكات من الأسرات الثامنة عشرة وحتى الحادية والعشرين ( أحمس نفرتاري زوجة الملك أحمس وست كامس ونجمت زوجة حريحور وحنوت تاوى والدة أو زوجة بانچم الأول وماعت کارع زوجة اوسركون الأول وإست ام خب ابنة « من خبر رع “، ونس خنسو زوجة بانچم الثاني ).
وبالنسبة لخبيئة مقبرة أمنحتب الثانى، قال المنشاوي، إنه عثر على هذه الخبيثة في إحدى الحجرات الجانبية لصالة دفن الملك أمنحتب الثاني في وادي الملوك عام ۱۸۹۸ وبداخلها مومياوات أمنحتب الثاني نفسه – وتحتمس الرابع – وأمنحتب الثالث – ومرنبتاح – وسيبتاح – وسيتي الثاني – ورمسیس الرابع – ورمسيس الخامس_ ورمسيس السادس – وثلاث نساء وطفل) ويوجد في المتحف المصرى أيضا مومياوات هامة أخرى غير ملكية مثل مومياوات يويا – وتويا والدي الملكة ” تی “زوجة أمنحتب الثالث ومومياء الأمير “ما حربری “.
وأوضح أنه في شهر يوليو من عام 1886 تم نقل المومياوات الملكية المكتشفة بالدير البحري ووضعها على سفينة وتم نقلها إلى متحف بولاق بالقاهرة، ويقال إن السيدات في الأقصر كانت تبكي وفي حالة حزن شديدة واصطفن على جانبي نهر النيل، وأطلق الرجال الأعيرة النارية كما يفعلون في الجنازات.
وأشار إلى أنه تم تنظيم حفل مهيب في القاهرة لعرض المومياوات الملكية في متحف بولاق حضره الخديوي توفيق، وشاهد مومياء الملك العظيم رمسيس الثاني، وقام جاستون ماسبيرو رئيس مصلحة الآثار المصرية عام 1886، بفك لفائف عدد من الملوك ومنهم سقنن رع وتاعا الثاني والملك تحتمس الأول والملك تحتمس الثاني والملك رمسيس الثاني، ولقد وجدوا مومياء الملك امنحتب الأول في حالة جيدة من الحفظ ولا يزال القناع موجود عليها حتى الآن ومجموعة من الزهور فوق المومياء، وفيما بعد تم نقل المومياوات الملكية إلى متحف سرايا الجيزة.
وقال إنه عقب بناء المتحف المصري في التحرير عام 1902 تم نقل المومياوات الملكية إليه ولكن عام 1931 تم نقل المومياوات الملكية إلى ضريح سعد باشا زغلول في عهد الملك فؤاد الأول ودفن سعد زغلول في الإمام الشافعي لأن الضريح بُني بعد وفاته، وتم وضع رفات سعد زغلول في ضريح سعد بعد وفاة الملك فؤاد الأول.
وأضاف أنه في عام 1936 عادت المومياوات الملكية إلى المتحف المصري بالتحرير، كما تم تخصيص قاعة للمومياوات الملكية بالمتحف المصري بالتحرير في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 1994، وظلوا في المتحف حتي سيتم نقلها في موكب مهيب لمقرها الدائم بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.
وعن مسار موكب المومياوات الملكية، قال المنشاوي، إن مسار الموكب يجمع بين عدد كبير من الحضارات والتي تبدأ بالحضارة المصرية القديمة مرورا بالحضارة اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية وفترة أسرة محمد علي باشا الكبير ، فأول مكان يخرج منه الملوك العظام هو المتحف المصري بالتحرير والذي قام بافتتاحه الخديوي عباس حلمي الثاني يوم 15 نوفمبر 1902 والمتحف يضم عددا كبيرا من القطع الأثرية ومن بينها تماثيل والقطع الأثرية والتوابيت منذ عصر ما قبل الأسرات حتي العصر اليوناني والروماني وكان يضم قاعتي للمومياوات الملكية وتوابيت الملوك قبل نقلهم إلي متحف الحضارة وقاعة الملك توت عنخ آمون والتي ستشهد أيضا نقلها إلى المتحف المصري الكبير وسيتم الإبقاء علي كنوز تانيس في المتحف المصري بالتحرير وكذلك القطع الأثرية بيويا وتويا وقاعة الذهب.
وأضاف أن النقطة الثانية من مسار الموكب هي مسلة الملك رمسيس الثاني بميدان التحرير أشهر ميادين العالم وقام بإنشائه الخديوي إسماعيل، موضحا أن المسلة تم نقلها من منطقة صان الحجر بالشرقية وتم تجميعها وترميمها ووضعها وهي تعود إلي الملك رمسيس الثاني ويوجد عليها نقوش وألقاب الملك، وكذلك تم ترميم أربعة كباش وتم نقلهم من الأقصر ووضعهم حول المسلة.
وتابع يغادر الموكب الملكي الميدان بتعانق مبني مجمع التحرير والذي أنشئ في عهد الملك فاروق عام 1951 م وقام بتصميمه الدكتور محمد كمال إسماعيل، وهو أحد المعالم التاريخية في ميدان التحرير، وينطلق الموكب الملكي في ميدان سيمون بوليفار وهو يقع في جاردن سيتي ويوجد تمثال لسيمون بوليفار الذي لعب دوراً كبيراً في أمريكا اللاتينية.
ولفت الى أن الموكب يتوجه إلى النيل الذي أرتبط بقيمة وعظمة حضارة مصر الخالدة ولقد أطلق المصري القديم عليه اسم المعبود (حعبي) الذي يرمز للنيل ثم يصل الموكب الملكي في طريقه إلي قصر العيني، والذي يعد أول مدرسة طبية أنُشئت في عهد محمد علي باشا، ثم يصل الموكب الملكي إلى سور مجري العيون، وهو مجري مائي مرفوع وهو أحد أبرز الأماكن الأثرية الإسلامية في مصر.
وأوضح أن الموكب الملكي سيسير حتي وصوله إلى مقياس النيل بالروضة وهو أحد أبرز المنشآت المعمارية الإسلامية والهدف منه قياس مناسيب المياه في نهر النيل، ثم يتحرك الموكب حتي وصوله إلي كوبري العاشر ويصل موكب ملوك مصر القديمة إلي عاصمة مصر الإسلامية الفسطاط والتي تضم مسجد عمرو بن العاص وبقايا العاصمة وقريبة من مجمع الأديان والكنسية المعلقة والمتحف القبطي.
وأضاف انه عقب ذلك، يصل الموكب الملكي إلي محطته الأخيرة (المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط) الذي يقع بالقرب من المعالم والمساجد والتراث الإسلامي، ومنها (مسجد الأمام الشافعي) و(مسجد الأمام الليث بن سعد) و(حوش الباشا).