هل بات من حق أى مخطرف أن يدعو نفسه شاعرا لأنه قد مزق بعض النثر فى عدة أسطر وضمنه بعض الخيالات والأوهام ؟
أو يدعى آخر أنه أديب لمجرد أنه كتب أى هراء يتصوره هو أو أحد من أدعياء المعرفة أدبا وإبداعا ؟
ألم تعد هناك أصول وقواعد للشعر وللنثر ولما يستحق أن يكون إبداعا بتقييم من يستطيعون بحق تقييم ما يكتب، وليس بإعجاب الببغاوات الذين يخدعون أنفسهم لكى يظهروا أمام الآخرين بأنهم مثقفون ومعجبون بذلك الهذيان ؟
كم من هذه النماذج البائسه يقدمها للناس أمثالهم من الجهلاء فى القنوات وغيرها فيجعلوهم يصدقون أنفسهم ويصدقون أن هذه الخطرفة وهذا الهذيان هما درب من دروب الأدب بينما هما فى الواقع ” قلة أدب “.
فتكون النتيجة أن تطل على الناس وجوه واسماء بدعوى أنهم أدباء وشعراء بسبب ذلك الإطراء المجرم فى حق الأدب والشعر، بينما هم يجهلون أبسط قواعد اللغه – ولا أقول قواعد النحو أو البلاغه- ونرى ذلك جليا فيما يكتبونه فى الصحف والمجلات وفى العديد من الكتب الأنيقة التى تملأ الأرصفه.
إن كثيرا ممن يدعون مايكتبونه شعرا يجهلون مالذى يجعل القول شعرا وليس نثرا مشعورا. ولا يدركون أن أهم مايميز الشعر عن النثر هى الموسيقى أو الإيقاع ولو كان خفيا، والذى لا يجب أن يغيب سواءا كان الشعرعموديا تقليديا أم غير ذلك من الأشكال المحدثه، فبدونهما لا يكون المكتوب أو المقول شعرا. ويتحمل أولئك الذين جاملوا وأطروا صاحبه وزر إفسادهم مفهوم الشعر عند الناس، فتنشأ أجيال تسير على درب الأدعياء، فتفسد اللغه، ويضيع الشعر فى دروب الجهل بقواعده تحت مسميات باطله كالشعر الحديث، أو الشعر المنثور وغير ذلك من المسميات التى اخترعوها.
ليت من يطرون ويظهرون التقدير لما لا يستحق الإطراء والتقدير يدركون أن ذلك ليس تشجيعا لأصحابه، وإنما هو خداع لهم وإفساد للغه.
ورحم الله أدباءا عظاما كان يطل الشعر بين سطورهم، وأبدا لم يدعى أحدهم أنه شاعر، وأبرزهؤلاء عميد الأدب طه حسين و عبدالمنعم الصاوى و عبدالحميد جوده السحار وغيرهم.
——————————–