أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الاقتصادات الناشئة تعرضت لعدد من التحديات المفاجئة، نتيجة لتوالى الأزمات، بدءًا من جائحة كورونا، وحتى الحرب في أوروبا؛ على نحو أدى إلى اضطرابات مركبة، فرضت ضغوطًا على موازنات مختلف الدول، نتيجة لارتفاع معدلات التضخم؛ مما يفرض «تأمين التمويل» باعتباره ضرورة ملحة لتدبير المخصصات المالية اللازمة للإنفاق المستدام على الصحة والتعليم والغذاء والوقود وغيرها من الالتزامات الحتمية لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، خاصة فى ظل ارتفاع الديون وحالة عدم التيقن التى سادت أوساط الاقتصاد العالمى، لافتًا إلى ما تضمنه تقرير الأمم المتحدة عن «تمويل التنمية المستدامة لعام 2023» من وجود فجوة مالية كبيرة بين الأسواق الناشئة والاقتصادات المتقدمة تصنع خللًا فى تحقيق التنمية المستدامة.
المالية: «تأمين التمويل» ضرورة ملحة للإنفاق على الصحة والتعليم والغذاء
قال الوزير، خلال مشاركته بجلسة «تأمين التمويل في أوقات ارتفاع الديون وعدم اليقين» التي تنظمها مجموعة «الديون التابعة لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى» بصندوق النقد الدولى، على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، إننا نتطلع لدور أكبر للمؤسسات الدولية فى توفير تمويلات ميسرة طويلة الأجل للبلدان النامية والاقتصادات الناشئة، فضلًا عن دعم تهيئة الظروف التى تؤدى إلى زيادة التمويل المبتكر، بما فى ذلك تطوير أسواق رأس المال المحلية، وزيادة فرص دخول الأسواق الدولية وتسهيل وتشجيع التمويل الثنائى من خلال دورها التحفيزى؛ على نحو يسهم فى تنويع مصادر التمويل وتعزيز النمو الشامل.
أشار الوزير، إلى أننا نأمل فى توفير البيئة المناسبة لمساعدة الدول النامية على امتصاص الصدمات الداخلية والخارجية، والتكيف معها، ومواجهة الضغوط التمويلية؛ بما يجعل الاقتصادات الناشئة أكثر مرونة فى مواجهة التحركات المفاجئة فى تدفقات رأس المال الأجنبى، فضلًا عن توفير أسواق الدين الحكومية المتطورة أيضًا، باعتبار ذلك يعد أساسًا لتطوير أسواق السندات، حيث تساعد أسواق الدين المحلية على توسيع القاعدة الضريبية، وتوفير معيار تسعير بلا مخاطر؛ على نحو يسهم فى إرساء دعائم نظام مالى قوى.
ولفت إلى أن التحديات التي يواجهها العالم اليوم تتطلب سرعة التنفيذ والاستجابة العاجلة لتقوية شبكة الأمان المالى العالمية، وتمكين دعم أكبر للبلدان النامية ذات الدخل المنخفض والمتوسط ليكون مؤثرًا في مثل هذه الأوقات العصيبة، موضحًا أن نقاط الضعف المتعلقة بالديون كانت فى طليعة أذهان المستثمرين؛ ما يوجب على المجتمع الدولي أن يلعب دورًا مؤثرًا في توفير الظروف للتمويل المستقر والقوى، فضلًا على توسيع بنوك التنمية المتعددة الأطراف لنطاق القروض طويلة الأجل.
أضاف الوزير، أن مصر اتخذت العديد من الإجراءات والخطوات نحو تنويع قاعدة المستثمرين، وتوفير بيئة أكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تمت الموافقة على وثيقة «سياسة ملكية الدولة»، التى تعكس حرص الحكومة على تمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره فى النشاط الاقتصادى وزيادة مساهمته فى الناتج المحلى، موضحًا أننا نستهدف تعظيم الاستثمار الأجنبى المباشر الذي يوفر فرصة لزيادة تبادل المعرفة وتوطين الخبرات الدولية المتميزة؛ بما يساعد فى النهوض بالصناعة الوطنية وتعزيز القدرات الإنتاجية والتصديرية.
أوضح الوزير أن مصر انضمت رسميًا، عام 2021، إلى مؤشر «جى. بى. مورجان» للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، لتكون واحدة من دولتين فقط بالشرق الأوسط وأفريقيا بهذا المؤشر، وفى يونيه 2021، انضمت أيضًا إلى مؤشر السندات الجديد «الفاينانشال تايمز راسل»، الذي يتتبع السندات بالعملة المحلية الصادرة بالأسواق الناشئة وشبه الناشئة، وقد أصدرت مصر أول سند سيادى أخضر في المنطقة في سبتمبر 2020 بمبلغ 750 مليون دولار أمريكى، وتجاوز الاكتتاب خمس مرات.