أعلن الدكتور خالد سعيد، عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة رئيس المؤتمر الدولي العلمي الرابع لكلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة، أن المؤتمر يهدف إلى الحفاظ على الهوية وثوابت المجتمع.
وقال عميد كلية أصول الدين خلال كلمته في افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي العلمي الرابع للكلية، والذي يقام تحت عنوان: «وسائل التواصل الحديثة بين المكتسبات الحضارية والثوابت الاجتماعية من منظور إسلامي»: إن الكلية تتقدم بهذا المؤتمرِ العلمي الذي يقام برعايةٍ فضيلةِ الإمامِ الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر ، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث؛ بوصفها الكلية الأم، وقد هيأت له من العناوين ما هو موضوع الساعة، لافتًا إلى أن عنوان المؤتمر فيه مواكبة بين وسائل التواصل الحديثة كمكتسب حضاري أسهمت فيه الأمم عبر تاريخها، واجتهدت سنينَ طويلةً؛ للوصول إلى تيسير التواصل فيما بينها حتى وصلت إلى تلك التقنية الحديثة التي وفرت الاتّصالَ المباشرَ بالصّوت والصّورةِ بين الأفراد والشعوب، وتلك الثوابتِ الاجتماعيةِ التي هي قوام المجتمعِ السليم؛ من حفظ العورات وخصوصياتِ الأفراد والانتماءِ الديني والوطني، وكذلك الترابطِ الأسري، والالتزامِ بالحقوق والواجبات والهويةِ الإسلامية والأخلاقية التي لا يفترق عليها اثنانِ من الصدق والأمانة وروحِ التعاون وإتقان العمل.
وأوضح عميد الكلية أن هذه الوسائل الحديثة تمثل أهميةً كبرى في دنيا الناس حتى صارت أمراً لا يمكن الاستغناءُ عنه، أو المساومة عليه؛ لذلك فإن المجتمع العصري مطالب بضبطها حتى تخدم ثوابته دون أذى، ومن ثم كانت فكرةُ هذا المؤتمر لطرح الحلول المناسبة، وإبداء الضوابط الشرعية والأخلاقيةِ التي تسهل على هذا الإنسان قناعةً بخطورة انطلاق هذه الطرق الحديثةِ من التواصل دون إحساسٍ بالمسئولية أو دون نظرٍ إلى ما تسببه من مشاكل.
وأضاف عميد كلية أصول الدين أن الكلية بأقسامها من التفسير والحديث والعقيدة والدعوة تخْرج مناقشة هذا الأمر من خلال ما ورد ذكرهُ في كتاب الله تعالى وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم؛ إذ هما صمام الأمان للمجتمع من الضياع وفقدان عقيدته الإيمانية وآدابه التربوية، وقد كثر فيهما ذكرُ أهمية استخدام التواصل المثمر على سبيل العموم والخصوص.
ومما حواه القرآنُ الكريم في ذلك تلك اللؤلؤةَ القرآنية والفريدةَ البلاغية في موضوعها والتي سبقت بحروفها وكلماتها المجامعَ العالمية والمحافلَ الدولية، وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ أي: خلقناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضا، مع اعتبار تغاير اللسان واختلاف الألوان، وعَدّ ذلك آيةً من آيات الإبداع الإلهي كما قال تعالى: ﴿واختلاف ألسنتكم﴾ أي: لغاتكم من عرب وعجم وغيرِ ذلك من اللغات {وألوانكم} من البياض والسواد والحمرة والصفرة مع كونكم أولادَ رجلٍ واحد وأمٍّ واحدة ويجمعكم نوعٌ واحدٌ وهو الإنسانية ﴿إن في ذلك لآيات للعالِمين﴾ وفي قراءة: (للعالَمين).
ويجعلُ القرآنُ الكريم هذا التواصل أمرًا فطريًّا، ومظهرًا من مظاهر النعم الربانية، وهو في الوقت نفسه قد نبه إلى مسئولية الجميع عما يتكلم به أو يسمعه أو يشاهده فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾.
وأشار عميد كلية أصول الدين أن الإسلام نهى عن تتبع خصوصيات الآخرين فقال: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ ومما قد يعدُّ في السنة تصويرا لهذا التزاحم والزخم في استخدام أدوات التواصل والتباس الإنسان بها حتى كأنها عضو من أعضائه لا يفارقه ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: «قد أوشك الرجلُ أنْ يخرج فلا يرجع حتى يحدثه نعلاه وسوطه بما أحدث أهلُه بعدَه» (مسند أحمد بسند صحيح) وترسِّخُ السنةُ كما هو شأن القرآنِ مبدأَ مسئولية كلِّ إنسان بما ينطق أو يتكلم وذلك كما في حديث معاذ رضي الله عنه قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّا لَنُؤَاخَذُ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟، قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».