التعليم الدولي جسر مستدام للتواصل بين الشعبين المصري والإماراتي…روابط لا تنقطع
برعاية مصرية – إماراتية… مؤسسات تعليمية واعدة على طريق الشراكة في مجالات العلوم التطبيقية والصناعات الإبداعية
مؤسسة الجامعات الكندية في مصر والكلية التطبيقية البريطانية بالإمارات تبحثان فرص التبادل الطلابي لدراسة العلوم المتقدمة
لا شك أن قضية التعليم العالي واللحاق بركب الدول المتقدمة في مجال العلوم التطبيقية والتقنية تمثل أولوية قصوى لكل من ينشغل بهموم التعليم في الوطن العربي، سواء من المسئولين والأكاديميين، أو الحالمين مثلنا بمستقبل أفضل يقوده مجتمع العلم والإبداع.
وأول تحديات هذه القضية هو نقل التكنولوجيا وإدخال التخصصات الجديدة إلى النظم الحالية، الأمر الذي يتطلب التخطيط الشامل للتعليم العالي، وتنويع أنماط الجامعات، وتطوير أنظمة الدراسة ومناهج التعليم، وفي قلب كل ذلك إعداد المورد البشري الأهم لإحداث التنمية في المجتمعات العربية، ألا وهو الشباب.
من هذا المنطلق، تشهد المنطقة العربية بوادر طيبة لتحقيق تلك الأهداف، من أبرزها نماذج الجامعات الدولية المنشأة حديثاً والتي تقوم على الشراكة والتعاون مع جامعات عريقة متعددة الجنسيات تقدم أفضل ما لديها من مناهج ونظم تعليم على أرض الدول المستضيفة لأفرع تلك الجامعات دون الحاجة إلى الاغتراب كما كان يحدث سابقاً، فضلاً عن إمكانية تكامل وتبادل الخبرات عبر البلدان العربية.
ومن بين هذه النماذج، شهدت “صدى البلد جامعات” مراسم توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة الجامعات الكندية في مصر، والتي تستضيف فرعي جامعتي تورونتو متروبوليتان وجزيرة الأمير إدوارد الكنديتين بالعاصمة الإدارية الجديدة، والكلية التطبيقية البريطانية (BAC) بجامعة أم القوين بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان لنا هذا اللقاء مع السيد يوسف بن حاتم البلوشي، نائب رئيس الكلية التطبيقية البريطانية وحديث من القلب عن اختيار مصر ومؤسسة الجامعات الكندية تحديدًا لهذه الشراكة.
حدثنا قليلاً عن الكلية التطبيقية البريطانية وما الذي تقدمه للطلاب؟
عندما واتتنا الفكرة لإنشاء كلية جديدة بأم القوين منذ خمس سنوات، تحمسنا لأن تكون في المجال التطبيقي، بمعني أن يتخرج الطالب متسلحاً ليس فقط بالمعرفة الأكاديمية، بل الأهم أن يكون مستعداً لسوق العمل.
لدينا شراكة مع جامعة تيسايد (TU)بالمملكة المتحدة، التي تزودنا بالمناهج الدراسية، وهي جامعة متقدمة جدا في العلوم التطبيقية، كما أننا نتعاون في الجانب التطبيقي (Vocational qualifications) مع مؤسسة Pearson العريقة ونحن نعتبر سابع أكبر عميل لديهم على مستوى العالم.
في الأساس، نحن نرى أن سوق العمل بحاجة لمختصين، وبدلاً من أن يقضي الطالب 4-5 أعوام في الدراسة النظرية، نمنحه الفرصة في المستوى الرابع مثلاً للالتحاق بالعمل ثم العودة لاستكمال الدراسة فيما بعد، أو يحصل في المستوى الخامس على دبلوم عالي ويتخرج بهذه الدرجة، لكننا ندرك أنه للأسف لا نقدر في الوطن العربي مفهوم “الدبلوم”، مع العلم أن شركة مايكروسوفت مثلا تمنح شهادات بعد دراسة 6 أشهر ويتقاضى المتدرب بفضلها راتباً أكبر مما يحصل عليه خريج الهندسة الذي يتمتع بخبرة 5 أعوام على سبيل المثال. فلابد من إدراك أن تسارع الأحداث في العالم قد غير طريقة التفكير والنظرة للأمور.
ما تفاصيل التعاون مع الجامعات الكندية اليوم؟ هل سيتم تدريب الطلاب أم تنظيم بعثات للتبادل؟
هذه الاتفاقية جاءت بمبادرة من الدكتور مجدي القاضي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة الجامعات الكندية، الذي اقترح مشكوراً تنظيم برنامج للتبادل الطلابي، زيارات متبادلة من أعضاء الهيئة الأكاديمية، إتاحة المختبرات والمعامل لدى الجامعتين، حتى نصل إلى ملامح متكاملة للشراكة.
لاحظت في السنوات الأخيرة أن هناك ندرة في توافد الطلاب الإماراتيين إلى مصر بينما تتزايد أعداد المصريين الدارسين بالإمارات، سواءً من المقيمين هناك أو القاصدين إليها خصيصاً لذلك. ما الذي دفعكم لعقد هذه الاتفاقية التبادلية، بينما بالإمكان أن تقتصر على استقبال الطلاب المصريين فحسب؟
أنا من الجيل الذي تعلم في مصر، وهذا ينطبق على الجيلين السابق واللاحق لي، جميعنا تعلمنا على يد أساتذة مصريين أجلاء. مصر عظيمة بكل شعبها وأهلها وحضارتها. يكفي أنه من بين كل العرب، من حازوا على جوائز عالمية مرموقة مثل نوبل هم جميعا مصريون.
وكما يقال، مصر تمرض ولا تموت. صحيح أن بعض الدول العربية قد سبقت مصر في الآونة الأخيرة، وبالذات دول الخليج ووطني الإمارات بالتحديد الذي أفخر بما حققه في مجال التعليم، من خلال استقدام كثير من الجامعات الدولية الرائدة، لكن النهج الذي اتخذه الدكتور مجدي بإنشاء فروع أصيلة لجامعات متميزة مثل الجامعات الكندية المستضافة في مصر قد تدارك هذا الأمر وهو بالمناسبة نفس المنهج الذي نقوم به الآن. وإن جاز لي القول فإنه قد سبق الكثيرين من أبناء الخليج في هذا المجال، وهذا ما شجعني على التعاون فيما بيننا لكي أنهل من أفكاره وأطبقها على أرض الواقع. إنني أنظر إلى العاصمة الإدارية الجديدة وهي لا تزال تحت الإنشاء وأرى أنه قد أقام بالفعل صرحاً تعليمياً هنا.
هل يتضمن الاتفاق بين الكلية التطبيقية البريطانية والجامعات الكندية في مصر منحاً للطلاب؟
هناك منح جزئية متاحة من البداية قبل الاتفاقية، وهي من الطرفين، لكن بموجب هذه الاتفاقية سوف نقدم من جانبنا منحاً كاملةً ليس فقط للمصريين بل للطلاب من كل أنحاء العالم. هناك نوابغ نسعد بإعطائهم الفرصة للدراسة المتميزة.
ما أهمية تواجد التعليم التطبيقي في مصر والمنطقة العربية من وجهة نظركم؟
هذا أمر في غاية الأهمية، لاسيما أنه قد أصبح الاتجاه السائد في العالم كله. وللأسف ما زلنا في المنطقة العربية متأخرين في المجال التطبيقي. أذكر بالطبع ما بدأه الدكتور مجدي القاضي هنا وما تم إنجازه لدينا في الإمارات من إنشاء الكليات التقنية العليا منذ أكثر من 15 عاماً، بالإضافة إلى المدارس التطبيقية، ثم ما توصلنا إليه نحن في الكلية التطبيقية البريطانية، حيث أننا الكلية الأولى من نوعها في دولة الإمارات في القطاع الخاص.
وما البرامج التي تقدمونها؟
لدينا 5 برامج في تخصصات الهندسة وهي الهندسة الكهربائية، المدنية، الميكانيكية، الكمبيوتر، فضلاً عن العمارة والفنون الجميلة. بدءًا من العام القادم، سنكون أول كلية في دولة الإمارات تطرح تخصصات علم البيانات (Data Science)وانترنت الأشياء(Internet of Things).
ما هي بنود الإطار الذي وضعتموه للاتفاقية مع الجامعات الكندية في مصر؟
تهدف الاتفاقية في الأساس إلى صقل مهارات الطلاب وتدريبهم سواء في حرم الجامعات الكندية بمصر أو الكلية التطبيقية البريطانية في الإمارات، وكذلك تنظيم بعثات التبادل الطلابي بين البلدين، وتوفير فرص العمل لخريجي أفرع الجامعات الكندية في القاهرة بالإمارات، وإجراء البحوث المشتركة والتعاون في المشروعات الفردية، ووضع تصور لإمكانية تطوير نموذج مبدئي مستدام للتطبيقات التجارية. وبالطبع سوف تيسر الكلية التطبيقية البريطانية حصول طلاب جامعتي TMU و UPEI بالقاهرة على تأشيرات الدخول والسكن والانتقال في أم القوين، وسيتقاضى الطلاب أجرًا ماليًا نظير إسهاماتهم وخدماتهم المهنية.
عندما تجولتم في أرجاء الحرم الجامعي هنا، ما الذي أعجبكم وما الذي يحتاج إلى مزيد من التطوير؟
بمنتهى الصراحة، أعجبني كل شيء رأيته هنا في الجامعة وأتمنى أن ينضم إليها مزيدٌ من الطلاب المصريين للاستفادة من الإمكانيات الموجودة بهذا الصرح العملاق، خاصةً وأن مصر ثرية بأعداد الشباب في هذه المرحلة العمرية.
هل نتوقع من خلال هذه الشراكة أن نجد طلاباً إماراتيين يدرسون بالجامعات الكندية في مصر العام القادم؟
بالفعل هناك حالياً طلاب إماراتيون يدرسون بالجامعات الكندية في مصر ولكن بفضل الشراكة التي نتحدث عنها اليوم سنقوم بإيفاد ليس فقط الطلاب الإماراتيين بل من جميع أنحاء المنطقة والعالم، لأنه يوجد لدينا جنسيات شديدة التنوع في الإمارات.