اهتم المصري القديم بالاحتفالات والأعياد وكان من أكثر شعوب العالم احتفالا وأعيادًا، وهو مخترع كلمة “عيد سعيد” وبالهيروغليفية تعني “حب نفر”، حيث إن المصري القديم كان معتادا على التحية بها في رأس العام.
الأعياد عند المصري القديم كانت أنواعا، فمنها أعياد السماء، ومنها الأعياد الدنيوية أو الحياتية، والأعياد السياسية والدينية والجنائزية، والاحتفال بالعيد الديني عند المصري، ظهرت فيه فكرة القربان أو الأضحية، حيث ولد القربان أو الأضحية مع ميلاد الحضارة البشرية، وسبب الفكرة هو الخوف من غضب الطبيعة، وعدم فهم ماهية الوجود وأصله، والتسليم بوجود قوة خارقة أو إله عظيم مجهول، لذا لجأت الشعوب القديمة إلى حيلة للتقرب إلى تلك الآلهة، عن طريق المنح والعطايا التي تنوعت ما بين المأكولات والمشروبات والزهور والحبوب والقمح والحيوانات.
وكان الغرض من القربان أو الأضحية التأكيد على الإيمان بقوة الآلهة وتحاشيا لغضبها، ورد الشر للطبيعة والكيانات المؤذية، والاستجابة للدعوات والمطالب، وللحصول علي المعرفة وإطالة العمر، وكانت القرابين تقدم وفق طقوس خاصة، وفي محافل مقدسة.
والقرابين عند القدماء المصريين كانت تقدم تحت إشراف كهنة المعابد، وكانت العطايا من أفضل اللحوم والطعام الفاخر، والخبز الذي كان له قيمة عظيمة في المجتمع المصري القديم، وتم تقديمه ضمن القرابين الجنائزية التي تقدم على الموائد أمام المقابر مثلما هو موضح في العديد من النقوش والرسوم التصويرية بالمعابد والمقابر.
وقدمت القرابين وفقًا لتصورين عند المصري القديم، الأول ارتبط بعين “حورس” أي عودة الحياة وقوتها، والثاني ارتبط بـ “ماعت” كوسيلة من وسائل التمسك بالنظام، وعادةً ما كان الملك هو الذي يقوم بخدمة “رع” إله الشمس، ويقدم له القربان في المعبد بيديه نيابة عن الشعب.
ونجد أن الفكرة السابقة قريبة من فكرة الأضحية في الشريعة الإسلامية، حيث يقوم المسلمون في عيد الأضحى بذبح “الأضحية”، والتي تكون لها صفات محددة ومقررة وشروط معينة، وتعود طقوس الذبح إلى “نبي الله إبراهيم عليه السلام”، عندما رأى في المنام أنه يقوم بذبح إبنه “إسماعيل” وعند امتثال إبراهيم عليه السلام لرؤيا الذيح، فرؤيا الأنبياء حق، جاء جبريل ومعه كبش من الجنة، حيث قال تعالى: “وفديناه بذبح عظيم” (107)، أي أن الله خلص إسماعيل عليه السلام من الذبح نظرًا لطاعته بأن جعل فداءً له كبشًا أقرن عظيم الحجم والبركة.
وبخلاف الذبائح والقرابين، كان من مظاهر الاحتفال بالأعياد عند المصري القديم “سعف النخيل”، الذي كان من النباتات المميزة في الأعياد، خاصة أعياد رأس العام، حيث كان سعف النخيل الأخضر يرمز إلى بداية العام كونه يعبر عن الحياة المتجددة، كما أنه يخرج من قلب الشجرة، فكانوا يتبركون به ويصنعون منه ضفائر الزينة ويعلقونها على أبواب المنازل ويوزعون ثماره الجافة كصدقة على أرواح موتاهم.
وكانوا يصنعون من سعف النخيل أنواعاً مختلفة من التمائم والمعلقات التي يحملها الناس في العيد على صدورهم وحول أعناقهم، كرمز لتجديد الحياة ولحفظهم من العين الشريرة، ومن أقدم العادات والتقاليد التي ظهرت مع الاحتفال بالأعياد صناعة الكعك والفطائر، وانتقلت بدورها من عيد رأس السنة لتكون سمة من سمات الأعياد بعامة في مصر القديمة، وكانت النسوة في مصر القديمة يصنعن الكعك ويقمن بإهدائه إلى المعابد وإلى الكهنة، ولا تزال كل هذه الموروثات موجودة إلى يومنا هذا.