أثار مقطع مصور لمُعلمة المنصورة والذي شهد وصلة رقص لـ5 معلمون يرقصون خلال رحلة ترفيهية بينهم معلمة فازت بجائزة “معلمة مثالية” انتقادات واسعة للمعلمين، خلال الساعات الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد قرار علي عبدالرؤوف، وكيل وزارة التربية والتعليم في الدقهلية، إحالة 5 معلمين بإدارة غرب المنصورة التعليمية للنيابة الإدارية، بعد التحقيق معهم بالشئون القانونية بالمديرية لقيامهم بالمشاركة في وصلة رقص على مركب نيلية أثناء مشاركتهم في رحلة نظمتها نقابة المعلمين بغرب المنصورة.
فبين من دافع عن مُعلمة المنصورة مؤكداً أن حرية الإنسان في أفعاله طالما أن هؤلاء المعلمين لم يقصروا في عملهم، وبين من يرى أن هذه الحرية ليست مطلقة حتى لا يتحول المجتمع إلى فوضى، خاصة وأن المعلمين المحالين إلى النيابة يعملون بمهنة تطلبت منها التزام أخلاقي بدرجة أعلى من غيرها، ويرصد “صدى البلد جامعات”، آراء المختصين في الواقعة وهل أخطأ المعلمون بمشاركتهم في وصلة رقص على مركب نيلية، وجواز معاقبتهم من الناحية الأخلاقية والتربوية.
حرية مُعلمة المنصورة ليست مطلقة
قال الدكتور محمد كمال، أستاذ الأخلاق بجامعة كفر الشيخ، أن الأصل هو تمتع الإنسان بالحرية في أفعاله، على أن تكون الحرية الإنسانية ليست مطلقة وألا تحول المجتمع إلى فوضى مطلقة، ومن هنا أحاطت المجتمعات الحرية بمجموعة من الضوابط التي تربط الحرية بالمسؤولية، بأن يكون الإنسان مسئولا عن أفعاله.
وأضاف كمال في تصريحات خاصة لـ”صدى البلد جامعات”، أن المجتمعات وضعت ضوابط للحرية تجعلها مقيدة بقيود من العرف والعادات والتقاليد والأخلاقيات العامة، وتشددت المجتمعات مع بعض المهن وتطلبت منها التزام أخلاقي بدرجة أعلى من غيرها، لأهمية هذه المهن للمجتمعات مثل “رجال الدين والقضاء والمعلمين”، وبالتالي فالمعلم يحاسب على سلوكياته سواء داخل المدرسة أو الجامعة أو خارجها ما دام يظهر بصفته الوظيفية ويعرف بها.
ظهور المعلم بمظهر لائق
وتابع أستاذ الأخلاق، بما أن الرحلة التي شهدت واقعة رقص معلمة مع زملائها والتي أثارت الجدل، كانت تابعة لنقابة المعلمين أي أن المتواجدين فيها جميعا تواجدوا بصفاتهم الوظيفية، فإن ذلك يضع تصرفاتهم تخضع “للأخلاق المهنية” التي تتطلب من المعلم الظهور بالشكل اللائق بمهنته كقدوة لطلابه، ونموذج يحتذي به خلقيا قبل علميا.
ولما كانت المقاطع المصورة المنشورة تفتقد الحد الأدنى من السلوك الواجب للمعلم بما يتطلبه من التزام ووقار، فإن هذا المسلك الشائن يتعارض مع كل القواعد الاخلاقية والمهنية، ويستوجب توقيع أقصى الجزاء على كل من شارك فيه سواء المعلمة المتطوعة او القيادات التعليمية التي قيل أنها كانت متواجدة وشاركت في هذه المهزلة، سواء بالفعل أو الصمت عن هذا السلوك المخالف لأخلاقيات المهنة.
مرجعيات تصرف الأفراد متنوعة
ويرى الدكتور عبد الرحمن ناجي، أستاذ اللغة الألمانية بكلية التربية جامعة عين شمس، والمحاضر بجامعة هيلديسهايم بألمانيا، أنه في البداية يجب التأكيد على تناول القضية في سياق أعم من الواقعة المباشرة موضوع التحقيق، وهي رقص معلمة في رحلة نيلية مع زملائها، حتى يتسنى لنا وضع الأطر العامة الحاكمة في جميع المواقف المشابهة، وسأختم في النهاية بالقضية المحورية من وجهة نظري.
وأشار ناجي في حديثه لـ”صدى البلد جامعات”، إلى أن المرجعيات الحاكمة لتصرفات الأفراد في متنوعة، فقد تكون ذات طبيعة دينية أو مجتمعية أو قانونية فضلاً عن الصياغة غير المحددة أنها “أخلاقية”، ثانياً إلى تعدد تصنيف الأشخاص من حيث الجنس والعمر والانتماء الديني والثقافي والمهني … إلخ.، وأشير أخيرا إلى السياق الذي تقع فيه تصرفات الأشخاص وهو يؤثر في التوقعات المنتظرة من الأشخاص.
استدعاء شعارات رنانة
وأوضح عضو هيئة التدريس بكلية التربية، أن الأبعاد الثلاثة بمثال فإن تصرفات الأب بوصفه أبا تختلف عن تصرفاته بوصفه صاحب مهنة ما وتختلف من مجتمع لآخر، فعدم وضوح العلاقة بين تلك الأبعاد يجعل هناك نوعا من السيولة في الخلط بين المستويات المختلفة، سواء على مستوى القيام بسلوكيات ما أو بالحكم عليها وتقييمها، ويتضح ذلك الخلط في الموقف موضوع التحقيق.
فيجب بداية استيضاح إذا ما كانت تلك الرحلة بتكليف مهني أو في سياق العمل بشكل أو بآخر، وهل يتم تقييم تصرفات الأشخاص المقدم في حقهم الشكوى من منظور مهني قانوني أم مجتمعي أم ديني، وما مجال الربط بين الموقف موضوع الشكوى وتكريم بطلة الواقعة؟.
وما السبب وراء استدعاء قيم تبدو “رنانة وجاذية مثل “هيبة المعلم” و”قداسة العملية التعليمة”، أتصور أن ما يحافظ على هيبة المعلم وقداسة العملية التعليمية هو قيام الأشخاص، ومنهم بالطبع مقدمي الشكوى والمهاجمين، بدورهم داخل الفصول بشكل جيد.
وأردف ليس كل من ينادي بفضائل وخاصة في إطار الشكاوى من ذلك النوع، يتمثل تلك الفضائل بالضرورة بل بالعكس ففي كثير من الأحيان يكونوا غير ملتزمين بمهامهم بالشكل المناسب، ولننظر هنا في هذا المثال أين هم من التكريم مثلا، بالطبع هم ربطوا بين التكريم والفعل الذين ينكرونه في محاولة للفت النظر أو تبرير عدم تكريمهم.
تحيز ضد المرأة
وفي النهاية وهي النقطة الأساسية لماذا تم التركيز على العنصر النسائي بوصفها بطلة للواقعة ونذكر العنصر الرجالي كما لو كان مكملا للمشهد، هل هو تحيز ضد المرأة أو غيرة وضغينة نسائية؟.
أتصور أن استنزاف البعض للمؤسسات بشكاوى على نفس المستوى يجب التصدي له في إطار القانون، وبعيدا عن الشعارات الجوفاء وحال انتهاء مراحل التحقيق كاملة لصالح المشكو في حقها/ حقه، يتم محاسبة مقدمي مثل تلك الشكاوى حيث أن كافة الجهات تعاني من محترفي تقديم مثل تلك الشكاوى، وهم غالبا من عديمي النفع ولننتظر نتيجة التحقيقات ليتضح لنا المرجعيات المؤسسية الحاكمة في ذلك الموقف.
تشويه وتدمير للسمعة
وهاجمت آيه يوسف مُعلمة لغة عربية بإحدى مدارس المنصورة، مصوريها أثناء وصلة رقص على مركب نيلية، التي تسببت في إحالة 5 معلمين للنيابة الإدارية.
وقالت: «والله ما أعرف إني بتصور، ليه بيشهروا بيا وبسمعتني وبيدمروا مستقبلي ومستقبل عيالي الثلاثة، أنا هرفع قضية وهوديه في 60 داهية بس أعرف الأول هو مين».
وأشارت إلى أن تشويه السمعة يُعد جريمة، قائلة «كل زملائي متعاطفين معايا وناس كتير عشان نعرف مين وراء التصوير».
وأكدت أنها تعمل متطوعة بالتدريس منذ 3 سنوات، موضحة أنها خريجة كلية آداب لغة عربية وتحضر حاليا ماجستير، ولديها ثلاثة أبناء من بينهم 2 توأم.
وأضافت:”عمري ما عملت حاجة غلط، أنا متجوزة ومتفرغة للمدرسة و دراستي في الجامعة وعملي المتطوع على أمل التعيين”.
ولفتت إلى أنها تفاجئت بالفيديو على السوشيال ميديا، وتساءلت كيف سأذاكر لأطفالي الثلاثة وأنا بالاكتئاب.