الدكتور كريم همام، مدير معهد إعداد القادة بحلوان:
قضينا على التطرف الفكري للشباب بفكرة الانتماء
الشباب يحتاج إلى الإنصات إليه والتعامل باحترام
الانتماء والحب.. كلمة سر تطوير معهد إعداد القادة
طفرة جديدة شهدها معهد إعداد القادة بحلوان في فترة وجيزة وخاصة بقيادة الدكتور كريم همام، الذي استطاع أن يكشف مفتاح السر لإحياء وعودة الطلاب من جديد داخل المعهد خاصة العازفين عن الأنشطة الطلابية، بالإضافة إلى التخلص من أزمة تمويل المعهد وإيجاد طرق بديلة لهذا التمويل.
هذا ما كشفه، الدكتور كريم همام، مدير معهد إعداد القادة بحلوان، في حوار إلى «صدى البلد جامعات»، وإلى نص الحوار كاملًا:
نبدأ من الأحدث.. كيف حدثت هذه طفرة في معهد إعداد القادة حاليًا؟
يرجع الأمر إلى تطبيق إستراتيجية “الانتماء إلى المعهد”، القصة تكمن في حب الأشخاص إلى المكان وبناء الإنسان، وقد عملنا على تقوية العلاقة بين الطلاب والمعهد، وهذا ما تم تطبيقه في الإستراتيجية المقدمة إلى الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي؛ بشأن تطوير معهد إعداد القادة بحلوان بكل خطوة ومواعيد بدء وانتهاء الخطوات.
وطالب وزير التعليم العالي أنه عقب الانتهاء من الخطة المقدمة سواء كان على مستوى الإنشاءات أو الأكاديمي يتم دعوته لمتابعة هذه الإنجازات ومراجعتها جيدًا لمعرفة نسبة الإنجازات وفقًا للإستراتيجية المقدمة.
وبدأنا تطبيق هذه الإستراتيجية خطوة بخطوة، بدءً من المكان مثل أسوار المعهد وأماكن ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية وغيرها وبدء التطوير بها، فعلى سبيل المثال لدينا في مصر الاتحاد المصري الإلكتروني للألعاب الإلكترونية، وهو معني بالألعاب التي يعتقد أنها ترفيهية ولكنها رياضية في الأساس مثل الإكس بوكس، البلايستيشن، وتعقد مسابقات في هذا النوع من الألعاب ومعترف به.
ولهذا بدءً في استقطاب الطلاب بدلًا من اللعب في أماكن غير مرخصة أو غير مرغوب فيها، يكون تدريب أو ممارسة هذه الرياضة للطلاب تكون من داخل المعهد وفقًا للمعايير الصحيحة، بتوفير قاعات مجهزة بأحدث الأجهزة وبيئة محيطة مثالية للطلاب، وتكون هي محاكاة لمثل القاعات التي تعقد فيها المسابقات الإلكترونية تمامًا، وكذلك التعاون مع الجهات المعنية بهذا الأمر لمساعدة الطلاب والإشراف عليها مثل أحد ممثلي الاتحاد نفسه موجود داخل هذه القاعات.
أما بالنسبة للجزئية الخاصة بالترفيه والثقافة، تعاون المعهد مع قصور الثقافة وبدأنا التعاون بشأن مدى إتاحة مسرحيات الدولة للشباب، وكذلك التعاون مع الجهات الأثرية والزيارات المختلفة؛ من أجل إتمام أداء المعهد المطلوب وكذلك تثقيف الطلاب.
هذا يعني أن “الانتماء إلى المكان” هو سر تطور معهد إعداد القادة؟
بالتأكيد، أبرز مثال على ذلك طلب طلاب كليات التربية الفنية من المعهد للموافقة على تزيين جدران المعهد بالرسومات المختلفة، وتطوير هذه الجدران بما يليق بقيمة المعهد، هذا يأتي نتيجة إلى حب الطلاب إلى المعهد والانتماء إليه.
هذا بالنسبة لتطوير البنية التحتية للمعهد.. ماذا عن بروتوكولات التعاون؟
في البداية يجب أن نوضح أن هناك 4 جهات تعمل على تدريب الطلاب في مصر، وهم: الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، أكاديمية ناصر العسكرية، الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، ومعهد إعداد القادة، هذه هي الجهات الرسمية لتدريب وتأهيل الشباب المصري ليكونوا قادة للوطن.
لذا تقدم معهد إعداد القادة بطلب التعاون مع الجهات الثلاث الأخرى من أجل إكمال بعضنا البعض، أبرزها أكاديمية ناصر العسكرية من خلال تقديم دورات تدريبية مختلفة وفقًا لتخصص كل جهة لكل من يريد تقلد منصب ما ويحتاج إلى اجتياز هذه الدورات المطلوبة، وذلك من خلال المعهد نفسه، كما هناك تعاون سوف يؤتي بثماره قريبًا مع الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، من أجل تدريب وتأهيل الشباب في المعهد.
ليس هذا فقط، بل هناك خطوة أخرى وهي اعتماد بعض البرامج تمهيدًا؛ لاعتماد المعهد من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، خاصة وأن الإستراتيجية الوطنية لمصر 2030 تنص على أهمية اعتماد أي مؤسسة تعليمية أو أكاديمية مرتين على الأقل قبل عام 2030، ونحن نحاول أن نعتمد مرة واحدة قبل حلول 2030، وهذا ما نتطلع إليه حاليًا.
وماذا عن ورش العمل في معهد إعداد القادة؟
بدأنا تغيير فكر ورش العمل المعتادة؛ لأن المكان في الأساس لتدريب وتأهيل الشباب وبالتالي بدلًا من أن الأمر يتمحور حول التواجد داخل المعهد لمدة 5 أيام من بينها الإقامة والأنشطة الرياضية والندوات فقط، أصبح لدينا ورش عمل فعلية، فبدلًا من الندوات الثلاث التقليدية وتحويلها من ندوات يحضرها 200 شخص في الدفعة الواحدة، يكون هناك ورش عمل حقيقية لجميع حتى يتسنى للجميع الاستفادة منها.
ليس هذا فقط، بل أصبح لدينا ما يسمى بالأفواج المتميزة وهي جديدة مخصصة للأساتذة المبتعثين خارج مصر، ويتم تطوير المحاضرات الخاصة بهم بشكل دوري بعد الحصول على ملاحظاتهم وآرائهم، بالإضافة إلى الحصول على رؤى المبتعثين إلى الخارج وفقًا لاحتياجاتهم المطلوبة، مثل ورش عمل خاصة بالصحة النفسية للمبتعث في ضوء ضغوط العمل، وهي ورشة جديدة من خلال الاتفاق مع متخصصين في علم النفس وتقديم ورش معالجة نفسية للمشاركين في هذه الورش.
ماذا عن مشاركة الجامعات الخاصة في معهد إعداد القادة؟
تعاونا مع عدد من الجامعات الخاصة بشأن تدشين أفواج متميزة في الأماكن السياحية الخاصة بها لتعمل بالتوازي مع أعمال الأفواج في معهد إعداد القادة بحلوان، كذلك تفعيل أحد البروتوكولات مع إحدى الجامعات الخاصة لتشغيل بعض القاعات لإرسال أفواج بها للحصول على محاضرات هامة مثل الوقاية من الإدمان بالتعاون مع وزارة التضامن.
وهذا يشمل مشروع “مودة”؟
نعم، بالإضافة إلى مشروع “مودة” سيتم تطبيقه في الجامعات الخاصة، بحيث تنال الجامعات الخاصة جزء كبير من الاهتمام أيضًا وعدم الاكتفاء فقط بالجامعات الحكومية، خاصة وأن “مودة” لم يتم تدشينها سوى في 8 جامعات حكومية مصرية حتى الآن، وهذا كان السبب في استقطاب المعاهد وعددها 250 معهد يوجد بها ما يقرب من 145 معهد فعال لعمل ورش عمل لمن يريد أن يكونوا مدربي وسفراء “مودة” في معاهدهم بعد الحصول على الدورة التدريبية المكثفة لهم في معهد إعداد القادة.
وبالفعل وجدنا هناك 114 معهد أراد المشاركة في الدورة التدريبية لمشروع مودة حتى الآن، حيث مثل هذه المعاهد 134 أستاذ وأستاذة جامعية شاملين جميع معاهد الجمهورية.
أما بالنسبة للجامعات الخاصة، سنبدأ بمنطقة 6 أكتوبر، حيث تدشين دورة تدريبية مكثفة لكل ممثلي الجامعات الخاصة الكائنة في منطقة 6 أكتوبر، من خلال تعاون مع جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، التي وافقت بدورها استضافة فوج الجامعات الخاصة بهذه المنطقة بها.
“عزوف طلاب الكليات العملية للمشاركة في الأنشطة الطلابية”.. كيف قضيتم على هذه الفكرة؟
كان هناك فكرة لدى هؤلاء الطلاب بأن الأنشطة الطلابية قد تؤثر على مستواهم الأكاديمي، كما كان لديهم فكر أن الأنشطة الطلابية ستعمل على تأخيرهم للتواجد بين صفوف الأوائل، هذه الفكرة تم العمل عليها منذ 5 سنوات من قبل مجيئي للمعهد، حيث تم تطبيقها في أسرة طلابية كانت تحت قيادتي.
وتم دعوة أوائل الكلية للمشاركة في أنشطة الأسرة وكان هذا محط أنظار الجميع، كانت نتيجته الحصول على أول مهرجان؛ نظرًا لأن هؤلاء الطلاب متفوقين في دراستهم فبالتالي هم متفوقين في الأنشطة الطلابية، هم فقط بحاجة إلى التحفيز.
وبالنظرة العامة، نجد أن المشاركين في الكثير من الأنشطة يحققون مكاسب أفضل وأسرع بمقارنة بأقرانهم في السنة الدراسية ذاته، بل أصبحوا متفوقين أكثر.
ولجعلهم مشاركين في الأنشطة الطلابية، يتم دعوتهم بالمشاركة في المبادرات الرئاسية المختلفة وكذلك تحفيزهم واحترام عقليتهم والتحدث بنفس اللغة التي يتحدثون بها وتوفير البيئة السليمة له على أكمل وجه.
هل هذا ساعد على إنهاء فكرة التطرف بين الشباب؟
نعم، هذا بدوره قضى على فكرة التطرف، على سبيل المثال وجود شخصية مثل شخصية رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي الذي يخاطب الشباب دائمًا بعقولهم، فهو أعلن مبادرة “حياة كريمة” مشيرًا إلى أنها من أفكار الشباب الذين شاركوا في المبادرات والمؤتمرات الشبابية.
وقدم للشباب ما يريد والاستماع إليهم بحرص واحترام، وتقديم سبل التعاون، وكذلك فتح باب الحوار مع القيادات المختلفة، جعل بدوره هناك حالة من الانتماء الحقيقية لدى الشباب، فأصبحت أفكارهم حقيقية ونابعة منهم.
ماذا عن ميزانية معهد إعداد القادة؟
فوجئنا عندما تولينا المنصب كمدير معهد إعداد القادة وبالحديث مع الدكتور محمد أيمن عاشور، نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي لشئون الجامعات، أن ميزانية المعهد قليلة للغاية لا تكفي لأبسط أنشطة المعهد، تناقشنا وتقدمنا بأفكار لزيادة التمويل الذاتي للمعهد لرفع هذه الميزانية بما يليق بأنشطتها المختلفة.
تم العرض على نائب وزير التعليم العالي بعض الأفكار مثل الاستفادة اللوائح المختلفة للمعهد التي كان يجب صرفها والاستفادة منها، بالإضافة إلى الصيانة الدورية للأجهزة الإلكترونية حتى لا يتم إهدارها بدون الاستفادة منها.
كما تم مناقشة فكرة التمويل الذاتي للمعهد والاعتماد ذاتيًا دون الحاجة لانتظار الموارد المالية، مثل دعوة الوفود الأجنبية التابعة لمبادرة “ادرس في مصر” في شهر رمضان المبارك، وهذا ما حدث بالفعل، ومشاركة الأجواء الرمضانية، وقدمت المنتجات الرمضانية لهم وشاركوا في المراسم الرمضانية في الوقت ذاته، هذا بدوره سيساعد على الإنتاجية واستقطاب الوفود الأجنبية باستمرار.
ليس هذا فحسب، الاستفادة من أسوار المعهد بتدشين مشروعات للشباب الخريجين بفتح متاجر لهم بسيطة لبيع المنتجات الخاصة بهم ليكون العائد المادي مشترك بين الخريجين وبين المعهد.