يستمر المصريون القدماء في إبهار العالم بمدى تقدمهم وبراعتهم في العديد من العلوم التي سبقوا بها غيرهم من الأمم في ذلك الوقت، بدايةً من علوم الطب والفلك والهندسة وصولًا إلى علم التحنيط التي تميزت به الحضارة المصرية القديمة وعكف على فك ألغازه العديد من العلماء والباحثون حول العالم.
وفي سياق متصل، فجر مجموعة من الباحثين البولنديين، مفاجأة جديدة بشأن أحد المومياوات التي كان يُتوقع أن تكون المومياء الخاصة بكاهن قديم، ليعلنوا بشكل مؤكد أن المومياء ترجع إلى امرأة مصرية قديمة كانت حاملًا في الشهر السابع، ليثير هذا الأمر موجة كبيرة من الجدل في مجتمع العلماء والباحثين.
بداية الاكتشاف
اكتشف الباحثون هذا الأمر من خلال الاعتماد على الفحص بالأشعة السينية واختبارات الحواسيب، وذلك خلال العمل المستمر للباحثين لمدة 6 أعوام في “مشروع مومياوات وارسو” باستخدام أحدث أنواع التكنولوجيا لفحص القطع الآثرية الموجودة في المتحف الوطني في وارسو.
هذا وتم نشر نتائج هذا الاكتشاف في دورية Archaeological Science العلمية، واعتقد الباحثون البولنديون أنها الحالة الأولى المعروفة على مستوى العالم لمومياء قديمة لامرأة حامل محنطة.
قصة السيدة المصرية الغامضة
وكانت هذه المومياء قد ضلت طريقها إلى العاصمة البولندية وارسو، منذ عام 1826، إذ تشير النقوش الممهورة على تابوت المومياء أنها لرجل من الكهان القدامى، وبالتالي لم يخضع التابوت ولا مومياؤه الدفينة للفحوص من قبل حتى الآونة الراهنة اعتقاداً من الباحثين بأن المومياء خاصة برجل وليس امرأة.
ويعتقد خبراء المشروع، أن المومياء تخص امرأة ذات مكانة اجتماعية عالية، يتراوح عمرها بين 20 و 30 عامًا، توفيت خلال القرن الأول قبل الميلاد، وباستخدام محيط رأس الجنين، قدَّروا أن عمره كان بين 26 و 30 أسبوعًا عندما ماتت الأم لأسباب غير معروفة، كما تم العثور على 4 حزم، يعتقد أنها أعضاء ملفوفة ومحنطة، داخل تجويف بطن المومياء، لكن العلماء يقولون إن الجنين لم تتم إزالته من الرحم.
واتجهت الأنظار إلى المتحف الوطني البولندي، بعد إطلاق الباحثين على المومياء لقب “السيدة الغامضة للمتحف الوطني في وارسو”، وهي المومياء التي تبرع بها تجار آثار إلى جامعة وارسو في عام 1826 بعد العثور عليها في مقابر ملكية بمدينة طيبة القديمة (مدينة الأقصر حاليًا)، وكان يعُتقد أنها ترجع لكاهن يدعى “حور جيهوتي”، لكن بعد أكثر من 95 عامًا اكتشف الباحثون عبر تقنية المسح الضوئي أنها مومياء أنثى تم وضعها في “التابوت الخطأ”.
ليست المومياء الوحيدة
ومن جانبه، قال الدكتور زاهي حواس، عالم المصريات، إن الكشف الجديد الذي أعلنه علماء مصريات في بولندا، هو أمر طبيعي للغاية، وليس الحالة الأولى التي يتم فيها اكتشاف مومياء مصرية حامل.
وكشف حواس، خلال حديث له، عن أن الحالة الأولى والأقدم لـ”مومياء حامل” كانت عبارة عن هيكل عظمي لـ”قزمة” في مقابر العمال بناة الأهرام، ويعود عمرها إلى 4600 عام، موضحًا أن هذا الكشف كان عام 2010.
وأضاف عالم المصريات: “اكتشفنا هذه المومياء في مقابر العمال، وكانت وقتها أول حالة من نوعها، وبالتالي الكشف الذي أعلنه العلماء البولنديون ليس جديدًا علينا”.