كتب : شادي محمد علي
حل شهر رمضان الفضيل، وتعود معه صلة الأرحام وتبادل العائلات الزيارات الجميلة لتتزين موائد الطعام والشراب بكل ما لذ وطاب من أشكال وأصناف مختلفة، وأحد أهم الموائد الرمضانية أهمية هي مائدة السحور والتي يعقبها الصيام لفترات طويلة، ولذلك يقدم إليكم صدي البلد جامعات، تاريخ كلاً من الفول والطعمية أحد أشهر أكلات السحور في شهر رمضان المبارك.
*الطعمية.. أكلة شعبية أصيلة شبهها البعض بكرات من الذهب!*
تتكون في الأساس من الحمص والفول المنقوع لفترة بالماء قبل أن تطحن وتعجن مع البصل والثوم والبقدونس والكزبرة والبهارات، لتقلي في الزيت علي شكل كرات أو أقراص، وتتزين موائد السحور في رمضان بالطعمية أو الفلافل لأجل ارتباطها الوثيق بطبق الفول، ولما تحتويه أيضاً من قيم غذائية كالبروتين النباتي، بالإضافة لكونها تساعد علي مقاومة الإحساس بالجوع.
واختلفت مسمياتها ما بين وجه بحري والذي يطلق عليها لفظ “فلافل “، والقاهرة ووجه قبلي الذين يطلقون عليها لفظ “طعمية”
ولكن بالرغم من ذلك فتعددت روايات تسميتها في التاريخ، فحسب الأولي هي كلمة مصرية قبطية بحتة مكونة من ثلاث أجزاء “ف”، “لا”، و”فل” أي “فلافل” بمعني “ذات الفول الكثير“.
والثانية ترجح أنها في الأصل تعود للفظ “پلپال” الأرامية بمعنى “الشئ المستدير” وجمعها “پلاپل” والتي حرفت الي “فلافل“.
وذكرت الكاتبة “حنان جعفر” في كتابها “تاريخ المطبخ المصري”، أن كلمة “فلافل” هي كلمة مصرية مشتقة من “فلفل”، وهو ما يفسر المذاق الحار المميز لها.
أما لفظ “طعمية”، فينسب الي اللهجة المصرية كمشتق من كلمة “طعم أو طعام”، ومن الدول العربية التي تشتهر بها الطعمية أو الفلافل كأكلة تاريخية شعبية، مصر وفلسطين والأردن ولبنان وسوريا وكذلك السعودية والعراق والسودان.
الطعمية تراث مصري*:
وتشير آراء ومراجع تاريخية عدة الي أن الفراعنة هم أول من عرف الفلافل وأول من حشاها، حيث ظهرت الصور الأولي للطعمية علي نقوش وجداريات فرعونية، هذا فضلاً عن تميز مصر بالبقول بنص القرآن في قصة موسي مع اليهود.
بينما تشير آراء أخري الي أن الفلافل عربية النسب، فلسطينية الأصل، تنسب لسوريون القرون الوسطي، حيث ارتحلت من بعدهم الي بقية أرض العرب عبر رحلات التجارة.
وبرواية أخري، انتشرت من مصر موافقة عامة من عدة مصادر علي أن أصلها يعود للأقباط المصريين، كأكلة اخترعت لتأخذ مكان اللحوم أيام الصيام المسيحية.
*الطعمية مش للاحتلال!*
كصورة من صور استيلاء الإحتلال الإسرائيلى على تراث الغير، أدعي الإسرائيليون نسب الفلافل إليهم بصفتها أكلة يهودية قديمة ورد ذكرها بالكتاب المقدس، ونقلوها معهم أثناء هجراتهم الإستيطانية للأراضي المحتلة.
ونجد أنهم في سبيل ترسيخ ذلك، أصدروا طابع بريد بصورة الفلافل والعلم الإسرائيلي، كما أصدروا أغنية خاصة لتكريم فلافلهم بعنوان “And We Have Falafel”.
ولكن سرعان ما نشرت صفحة “إسرائيل بالعربية”، تغريده في اليوم العالمي للفلافل والذي يوافق (18 يونيو/حزيران 2019م)، لتوضح أن الطعمية المصرية هي الأفضل، وذلك وفقاً لشهادة خبيرة يهودية بريطانية في أنثروبولوجيا الأطعمة، والتي شاركت في تقرير للجارديان أكد أن الطعمية المصرية هي الأجود، خاصة “الإسكندرانية“.
وربما كانت هذه التغريدة محاولة للتلاعب الإسرائيلي المعتاد، ففي اليوم العالمي للتغذية (17 أكتوبر/تشرين الأول 2019م) نشر المتحدث بإسم جيش الإحتلال “أفيخاي أدرعي” عبر فيسبوك سؤالًا، يقول: “حابين نسألكم شو أكلتكم المفضلة من المطبخ الإسرائيلي”، والتي كان من بينها الطعمية المصرية، والتي هي أكلة أصلها أقدم من إسرائيل، وهو ما دفع الفنان “محمد هنيدي” إلى التعليق على الصور قائلاً: “ناقص يقولي شبرا بتاعتنا“.
*المصريون ملوك الفلافل.. ولله وعملوها الرجالة* :
كانت تلك عبارة السفير البريطاني السابق “جون كاسن” بعدما توجت الطعمية المصرية كالأفضل في “بطولة العالم للفلافل” بلندن عام 2016م، وذلك ضمن فعاليات عام البقول، حيث انتصرت الطعمية المصرية علي نظيراتها السورية واللبنانية والإسرائيلية، لتصف صحيفة “الجارديان البريطانية” المصريين بأنهم ملوك الفلافل، وقد جاء ذلك التتويج علي أيدي الشيف المصري “مصطفي الرفاعي” والذي يخوض رحلة طويلة في الدفاع عن تراث المطبخ المصري وهوية الأطعمة المصرية، حيث أصبح الآن يشغل منصب سفير المطبخ المصري في جمعية الطهاة العالميين.