أشار الدكتور عبد الرحمن ناجي، عضو هيئة التدريس بقسم اللغة الألمانية كلية التربية جامعة عين شمس، والمحاضر في جامعة هيلديسهايم في ألمانيا، إلى أن قرارات وزير التربية والتعليم الأخيرة بشأن الصفين الأول والثاني الثانوي، حملت مفاجاءات متتالية كالعادة، بداية من تعديل جدول امتحانات الفصل الدراسي التاني، وطريقة إجراء الامتحان، وتعديل موعد الامتحانات، بأن تجرى في شكل امتحانات شهرية إبريل ومايو (إلغاء امتحان مارس وفقا للخريطة السابقة)، تعديل طريقة الامتحان وإجرائها ورقيًا بصيغة الاختبار الموضوعي، وتتم الإجابة في “بابل شيت”، كما تتم الامتحانات بشكل مجمع حيث يمتحن الطالب ٣ او ٤ مواد في وقت محدد يتراوح ما بين ساعة ونصف إلى ساعتين تقريبًا.
وأضاف ناجي لـ”صدى البلد جامعات”، أن النقطة الوحيدة الإيجابية في هذه القرارات تتمثل في تراجع الوزير عن الامتحانات الرقمية عن طريق التابلت، وهو ما حذر منه الجميع منذ البداية، وثبت فشله في محاولات متعددة قامت بها الوزارة، إلا أن الوزير ومن حوله كانوا يعلنون في كل مرة أن التجربة قد نجحت دون سند على أرض الواقع.
وليس المجال الآن لمناقشة عيوب الامتحانات باستخدام التابلت، فقد طُرح الموضوع في السابق من كل الزوايا سواء من خبراء التعليم أو أولياء الأمور، أو المعلمين وكذلك التلاميذ، فمشروع الدكتور طارق شوقي لتطوير التعليم، يفتقد إلى نقاط إجرائية أساسية يمكن في ضوئها الحكم على النجاح أو التعثر، بعيدا عن الفكر الإحصائي الرقمي الذي يطالعنا به في معظم تصريحاته عندما لايتمكن بعض الطلاب مثلا من الدخول إلى الامتحان الرقمي، فتخرج احصاءات الوزارة وتؤكد مثلا أن ٩٠% تمكنوا من الدخول وهي نسبة (ممتازة).
فبغض النظر عن دقة الأرقام المعلنة من الوزارة من عدمها، إلا أن الادعاء بأن النسب في مجملها ممتازة ومرضية وما إلى ذلك فهو ادعاء خطِر جدًا، حيث أن الوزارة مسئولة وملتزمة بأداء ١٠٠% من الطلاب المسجلين والحاضرين للامتحان، وعدم تمكن أي طالب من الدخول للامتحان الرقمي فهي مسئولية الوزارة.
فحتى التوجه الإحصائي للوزارة وتقديره كيفيًا به مشكلات جوهرية، أين رؤية التعليم؟ نتساءل عن ما طرحه الوزير في غير حديث عن رؤيته بجعل التعليم ممتعًا، ومحاولة فصل الارتباط الشرطي لدى المجتمع بين التعليم والامتحان، فالملاحظ لمعظم قرارات الوزير المتضاربة والمتغيرة يجدها ترتبط بالامتحانات فأين ذلك الفصل إذن، بل وبالعكس فإن المدرسة قد اختفى دورها التعليمي تمامًا، وهذا ليس فقط بسبب انتشار كورونا بل من قبلها أيضًا، فالوزير لا يبدى اهتماما بتأهيل وتحسين أوضاع أهم أدوات الوزارة ألا وهو المدرس، فغاب التعليم في المدارس وكذلك الادعاء بأن المنصات التعليمية “أون لاين” ناجحة، فهو مثل الادعاء بأن الامتحانات الرقمية ناجحة.
بالإضافة إلى امتحانات الكتاب المفتوح، من اقترح فكرة الكتاب المفتوح ومن سحبها الآن، هو نفس المصدر وهذا يدل بما لا يدع مجالا للشك بأنه لا توجد خطط بديلة لدى الوزارة لتنفيذ مشروعها، وكذالك الامتحانات المجمعة، هل معنى تطبيقها على تلاميذ الصفوف من الرابع إلى الثاني الإعدادي، وما ارتبط بها من تصريحات بأن “من حضر قد اجتاز الامتحان” يعني نجاح هذا الأسلوب من أساليب التقييم، هل من الجيد والملائم أن يمتحن الطالب في ورقة واحدة مواد (اللغة العربية والجغرافيا والتاريخ واللغة الأجنبية الأولى)، وفي ورقة أخرى مثلًا (الفيزياء والكيمياء والأحياء)، وجميعها مواد يتم تقديمها منفصلا وليس تكاملا، فضلا عن الوقت القصير للامتحان.
وأؤكد أن ما آل إليه حال التعليم في مصر الآن، هو نتيجة للعناد وعدم الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة، والمبالغة في تقدير الذات من قبل القائمين على التعليم دون تحديد نقاط القوة والضعف موضوعيا، بل الارتكان إلى البيانات الدعائية، والتي تعلم كل أسرة انها بعيدة عن أرض الواقع، فكان من الممكن التطبيق على قطاع محدود من المدارس، يتم اختيارها وفقا لمعيار جغرافي أو نوعي أو مرحلي، ودراسة النتائج دراسة متأنية، إلا أن الوزير لم يستجب لآراء الناصحين ونداءات الأسر واستمر فيما يراه هو ومن يحيطون به، إلى أن وصلنا لما نحن فيه الآن.