كتبت- ميرنا نشأت
كان ولازال الدكتور محمود مكي، من أبرز مؤسسي اللغة الإسبانية في مصر، حيث كان تاريخ تأسيس اللغة الإسبانية في مصر حافلاً بالشخصيات العظيمة وكان هو من أهمها، وله الكثير من الدراسات والأعمال والمؤلفات في مجالي الأدب الإسباني والأدب الأندلسي ودراسته للغة العربية، فلذلك كان جسراً بين ثلاث حضارات.
نشأته وحياته:
اسمه الحقيقي محمود يوسف علي حسن مكي، وشهرته محمود على مكي، ولد العلامة في محافظة قنا في صعيد مصر في عام 1929.
تخرج العلامة محمود مكي من كلية الآداب جامعة القاهرة في عام 1949 وكان تقديره امتياز ، وذهب في أول بعثة مصرية إلى إسبانيا والتي أرسلها طه حسين في عام 1950، وحاز علي الدكتوراه من جامعة كومبلوتنسي للآداب والفلسفة من مقاطعة مدريد في إسبانيا عام 1955.
شخصية الدكتور محمود مكي:
كان العلامة محمود مكي يتميز بالمرح والكرم والعلم والإخلاص في الصداقة، وكان يتميز بالتواضع والجد في العمل، وكان يتميز بذاكرة قوية.
كان مهتمًا بالثقافة الشعبية الإسبانية وخصوصاً الفلامنكو، وكان صديقًا لمطربين عظماء في إسبانيا مثل بيبي دي لا ماترونا ، كان يحب كثيراً الشاعر خورخي مانريكي، كان يعتبر دائمًا إسبانيا وطنه الثاني.
وقد قال في مقابلة لجريدة el país الإسبانية عن تاريخ إسبانيا ” إن المسلمين كانوا إسبانيين مثل مسيحي الشمال، وإن الأصولية غير قاصرة على الإسلام فقط”.
إنجازاته:
لـ الدكتور محمود مكي العديد من الإنجازات التي ينفرد بها، عُين ملحق ثقافي لمصر في مدريد، وعُين أيضًا وكيل للمعهد المصري في مدريد (1956-1965) ، وأصبح مديرًا لإدارة الترجمة والنشر في الستينات، وكان عضواً في مجمع التاريخ الإسباني.
صاحب الكثير من رؤساء مصر ليقوم لهم بعملية الترجمة، بدءً من عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد حظي العلامة بإعجاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
كان علي علامة في اللغة الإسبانية حيث قام بتأسيس قسم اللغة الإسبانية في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1984، وكان أول رئيسًا لهذا القسم، وأشرف على أول رسالة علمية قدمت في هذا القسم.
وكان الدكتور محمود مكي أيضًا علامة الدراسات الأندلسية في مصر والعالم، وكان أستاذاً للأدب الأندلسي في قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وكان عضواً في مجمع اللغة العربية، ألقى 6 محاضرات عن الحضارة الأندلسية في إطار برنامج الباحث المقيم بمكتبة الإسكندرية في الفترة بين الثامن والحادي والعشرين من شهر يوليو في عام 2006.
وتنص المحاضرات الستة على:- المحاضرة الأولى عن الفجر الأندلسي، والمحاضرة الثانية عن الإسهام الأندلسي في علوم الدين، والمحاضرة الثالثة في الفكر اللغوي والفلسفي والعلمي، والمحاضرة الرابعة عن الأدب الأندلسي، والمحاضرة الخامسة عن الإسهامات التاريخية والجغرافية، والمحاضرة السادسة عن الأثر الأندلسي.
وله دراسات عديدة مهمة في الثقافة الدينية في الأندلس وتأثير الدون كيخوتة في الأدب العربي ، وقدم دراسة وافية عن ابن حيان الأندلسي.
مؤلفاته:
كان العلامة محمود على مكي له ما يقرب من 200 مؤلفاً في الأدب الأندلسي والأدب الإسباني ومنها: الشيع في الأندلس، علوم القرآن في الأندلس حتى نهاية القرن السادس الهجري، التشيع في الأندلس في مجلة معهد الدراسات في مدريد عام 1954 وفيه يتحدث عن الفترة من الفتح حتى نهاية الدولة الأموية، أثر العرب والإسلام في النهضة الأوروبية (الجزء الخاص بالأدب) بالاشتراك مع الدكتورة سهير القلماوي لعام 1971.
ترجماته
قام علي بالعديد من أعمال الترجمة ومن أهمها ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الإسبانية، وقام أيضاً بترجمة الكثير من الأعمال الأدبية الإسبانية ومنها: مسرحية عمدة سليمة ( el alcalde de zalmea) للكاتب الإسباني كالديرون دي لا باركا، وأرض ألبرغونثالث (la tierra de alvergonzález) للكاتب الإسباني أنطونيو ماتشادو ترجم معظمها نثراً وكتب جزءاً منها شعراً ، ومسرحيتا الأشجار تموت واقفة (los árboles mueren de pie) ومركب بلا صياد (la barca sin pescador) للكاتب الإسباني لأليخاندرو كاسونا، ورواية السيدة باربارا للروائي والسياسي الفنزويلي رومو جاييجوس _ الذي تولي رئاسة البلاد عام 1948 _ ونشرت بالقاهرة في عام 1965، رواية السيد الرئيس ( el señor presidente) للكاتب الغواتيمالي ميغل أنخل أستورياس.
جوائزه:
لقد حصل الدكتور مكي على العديد من الجوائز تقديراً لمجهوداته العظيمة ومنهم، جائزة الدولة التشجيعية في عام 1968 ، وجائزة الملك فيصل العالمية لفئة الأدب العربي في عام 1988، كانت أهم جائزة هي جائزة الوشاح الأكبر الاستحقاق المدني بلقب فارس من ملك إسبانيا عام 1992، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1993.
وفاته:
تمنى أن يبقى في إسبانيا إلى الأبد؛ حيث كان يعتبرها وطنه الثاني، و بذلك فعندما رحل عن عالمنا في الثامن من شهر أغسطس عام 2013 في مدريد بإسبانيا ، وقد دفن في مقبرة إسلامية في مدريد ، وكان ينطبق عليه بيت الشعر لخورخي مانريكي وهو “على الرغم من إنه فقد الحياة إلا إن ذاكرته تترك لنا عزاءً كبيراً”.