كتب- هدير علاء الدين
اقترنت جائحة كورونا، منذ بداية ظهورها، بالأعراض الشائعة المعروفة لدى الجميع، والتي يأتي على رأسها الحمى، والكحة المستمرة، وما إلى ذلك من الأعراض الأخرى، ولكن تمثلت المفاجأة الكبرى، في احتمالية تأثير فيروس كورونا المستجد، على الجهاز العصبي للإنسان أيضًا، وهو الأمر الذي يدعو إلى القلق، خاصةً في ظل عدم وجود أجهزة لتنقية الدم من السموم في الدماغ، حتى الآن.
وانطلاقًا من ذلك، نرصد أهم المعلومات والدراسات التي تم إجراؤها في هذا الصدد، وذلك في التقرير التالي..
العلاقة بين الفيروس والجهاز العصبي
وفقًا لمجلة “The Scientist” العلمية، فإن تأثير فيروس كورونا المستجد، على الجهاز العصبي، يتشابه مع نظيره سارس، الذي كان له نفس التأثيرات هو الآخر، ولكن الأمر المفزع، يتمثل ظهور بعض الأعراض العصبية، على عدد كبير من المصابين، ومن الواضح أنه يتجه نحو الزيادة، بشكل سريع، حيث اندلعت بعض الأخبار، العام الماضي، أن حوالي 36% من مصابي كورونا، بمستشفيات ووهان الصينية، كانوا يعانون من بعض الأعراض غير المألوفة، والتي تمثلت في: ضعف الوعي، النوبات، الإعاقة الحسية، وغيرها من الأعراض العصبية، وذلك وفقًا لما ذكره، شيباني موكيرجي، أخصائي الأمراض العصبية في مستشفى ماساتشوستش العام.
تفاوت الأعراض
قسمت باتريشيا مكنمارا، أحد أطباء الأمراض العصبية في المستشفى الوطني لطب الأعصاب، في لندن، الأعراض العصبية التي تظهر على مرضى كورونا إلى مجموعتين متنوعتين، الأولى: وهي تلك الأعراض التي ورد وصفها في العديد من التقارير الطبية ، العام الماضي، وتتمثل في أعراض حادة غالبًا ما تصيب المرضى الذين يدخلون المستشفيات، ويعانون من أمراض شديدة، وتظهر في عدة صور إما التهاب الدماغ، أو السكتات الدماغية، أو تلف الأعصاب الطرفية، أما المجموعة الثانية فتتمثل في الأعراض طويلة الأجل، والتي تتمثل في الصداع، والإرهاق ، والإحساس بالخدر، أو التعب، والصعوبات الإدراكية، والنوبات والالتهاب أحيانًا.
ووفقًا لتقرير بموقع BBC، ذكرت شيري شو، طبيبة أعصاب من جامعة بيتسبرغ، أنها تتعاون مع علماء من 17 دولة، لمراقبة أعراض الاضطرابات العصبية لدى مرضى كورونا المستجد، باستخدام أجهزة مسح الدماغ، موضحةً أن تأثير الفيروس على الجهاز العصبي قد يكون أشد ضررًا وأوسع نطاقًا من تأثيره على الرئتين.
وأضافت “شو”، أن أعراض الاضطرابات العصبية، أقل شيوعًا بين مرضى فيروس كورونا المستجد، مقارنة بالأعراض التنفسية المعروفة، ولكن التعافي منها قد يستغرق وقتًا أطول، مقارنةً بالأمراض التي تصيب أجهزة الجسم الأخرى، وقد تؤدي إلى الإصابة بالإعاقة، وربما أيضا الموت.
دراسات تشريحية
وعلى هامش ذلك، كشفت بعض الدراسات التشريحية، التي مازال عددها محدود حتى الآن، أن هناك علامات واضحة على الضرر في عشرات من أدمغة مصابي كورونا، إلا أنه في العديد من الحالات لا يمكن العثور على علامات بعينها، فيما تستمر جهود العلماء والباحثين لمحاولة رصد الحلول لهذا الأمر.
كما نشرت مجلة “نيو انجلاند” الطبية، تحليل قام بإجرائه بعد الباحثين، على 18 حالة وفاة من مصابي كورونا، وكانت المفاجأة هي عدم عثورهم على أي دليل لفيروس كورونا داخل الدماغ، في الوقت الذي وجدت فيه دراسة ألمانية، البروتين الفيروسي في الأعصاب القحفية، وخلايا جذع الدماغ المعزولة، في 21 من 40 مريضًا تم فحصهم بعد الوفاة.
وفي سياق متصل، نشرت مجلة “Nature Neuroscience” العلمية، دراسة تشريحية أخرى، يفترض فيها العلماء أن الفيروس يمكن أن يدخل في جذع الدماغ من خلال الأنف، واستنادًا إلى تحليلات تشريحية مفصلة، تم إجراؤها على 33 من مصابي فيروس كورنا، اكتشفوا جزيئات الفيروس التاجي سليمة في الخلايا الداعمة للغشاء المخاطي الشمي في سقف الأنف، جنبًا إلى جنب مع أدلة على التكاثر النشط في الأنسجة، والذي قد يؤدي إلى تدمير هذه الخلايا، أو يؤدي إلى حدوث التهاب، وهو الأمر الذي قد يفسر فقدان حاسة الشم والتذوق، بشكل متكرر في بداية التقاط العدوى بالفيروس.
كما وجدت بعض الدراسات الأخرى، أن بعض مرضى فيروس كورونا يصابون بمتلازمة غيلان باريه، وهي اضطراب عصبي يمكن أن يؤدي إلى الشلل، حيث تتفاعل الأجسام المضادة، التي تتشكل استجابة للفيروس، مع البروتينات الموجودة على الأعصاب، مما قد يسبب هذا الضرر.
وأضافت دراسة جديدة، نُشرت بدورية “أنالس”، التابعة للجمعية الأمريكية لطب الأعصاب، إن 82% من مصابي فيروس كورونا، عانوا من بعض الأعراض، التي تمثلت في: الصداع، أو تغير في شكل الدماغ ووظائفه، أو اعتلال في الدماغ، والذي من شأنه أن يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة، أو حتى الوفاة.
ووجد الباحثون من كلية الطب بجامعة نورث وسترن فاينبرغ، بهذه الدراسة، التي تم إجراؤها على 509 من مصابي فيروس كورونا المستجد، موزعين على تسعة مستشفيات ومركز طبي في شيكاغو، أن 42% من هؤلاء عانوا من آلام في العضلات، بينما عانى 37% منهم من آلام وصداع في الرأس، وأصيب 30% من المرضى بالدوار.