كتب- هدير علاء الدين
انطلاقًا من أهمية الدور الذي يلعبه التعليم في حياة الشعوب، باعتباره ركيزة أساسية من ركائز التقدم، في شتى المجالات، ومنارة أساسية تستنير بها الأمم الساعية للوصول إلى القمة، يحتفل العالم أجمع، باليوم العالمي للتعليم، في 24 من شهر يناير من كل عام، وذلك وفقًا لما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 3 من شهر ديسمبر عام 2018، بموجب القرار رقم 73/25، بإعتبار يوم 24 يناير، اليوم العالمي للتعليم، إيمانًا منها بدور التعليم في بناء المجتمعات، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويقتضي اليوم العالمي للتعليم، التعرف على أبرز الرموز والشخصيات المصرية، التي كان لها الفضل في تحقيق ثورة تعليمية في مصر، ونهضة معرفية، أشاد بها العالم بأسره، فآثار هذه النهضة خالدة، وما زلنا نجني ثمارها حتى الآن.
رموز مصرية في اليوم العالمي للتعليم
-
طه حسين والمجانية
تولى الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، منصب وزير التعليم المصري في 12 من شهر يناير عام 1950، حاملًا معه رؤية جديدة، منذ بداية توليه للمنصب، وتلخصت هذه الرؤية في عبارة واحدة، تفصح عن معاني عديدة، وهي “التعليم حق للجميع كالماء والهواء”، فأصدر قرارًا عام 1951، بتطبيق مجانية التعليم الثانوي في مصر، حيث كانت مجانية التعليم مقتصرة على التعليم في مراحله الأولى، وذلك وفقًا لما أقره دستور 1923، في مادته رقم 19، والتي تقضي بأن “التعليم الأولى إلزامي للمصريين بنين وبنات وهو مجاني في المكاتب العامة”.
ثم جاءت حكومة نجيب الهلالي بعد ذلك عام 1944، التي أصدرت قانون مجانية التعليم الابتدائي في المدارس الحكومية، في المدن، إلى جانب التعليم الإلزامي الذي ظل في القرى، والتعليم الحديث الرسمي مجانيًا.
إن جهود عميد الأدب العربي، في مجال التعليم المصري، جاءت لتكمل عصر الإصلاح والنهضة التعليمية، التي بدأها الدكتور نجيب الهلالي، فالأول نادى بمجانية التعليم الثانوي والفني، والآخر نادى بمجانية التعليم الابتدائي، لتصب هذه الجهود في مصلحة الشعب والأجيال القادمة.
-
عبد الناصر والتعليم الجامعي
في أعقاب التعديلات التي طرأت على دستور 1956، وذلك في شهر مارس عام 1966، أكدت المادة رقم 39 على إشراف الدولة على التعليم بمراحله المختلفة في مدارس الدولة وجامعاتها بالمجان، ليعلن جمال عبد الناصر، حينها، بداية عصر التعليم المجاني الجامعي، للشعب المصري بأكمله، والتي كانت بمثابة خطة قوية ومحكمة، للوصول إلى طريق الإصلاح والتقدم.
وقد وصف الدكتور جلال أمين، في كتابه “ماذا حدث للمصريين؟ تطور المجتمع المصري في نصف قرن 1945-1955″، أن هذه النهضة التعليمية التي شهدها عصر “عبد الناصر”، كان لها دور كبير في ترقي العديد من الأشخاص، اجتماعيًا، بفضل تسلحهم بسلاح التعليم.
-
قاسم أمين وتعليم المرأة
كرس الكاتب قاسم أمين، جزء كبير من حياته، ينادي بضرورة تعليم المرأة، ولكن لم تلق دعوته بالقبول، لدى الغالبية العظمى من الناس في ذلك الوقت، فالبعض اتخذ من الموروث الثقافي حجه، والبعض اجتزأ من الآيات والأحاديث الشريفة لتحقيق مآربه الشخصية في ضرورة مكوث النساء بالمنزل، وغيرها الكثير من الحجج الواهية..
ولكن أخذ “أمين” في المحاربة بقلمه، ليوضح أنه بقدر ما تكتسب المرأة تعليمًا في حياتها، بقدر ما تكون مسؤولة عن نفسها، ومن ثم تأتي الاستقلالية، كما أن التعليم يؤهل المرأة لتفادي أي اختلاس، أو تزوير، أو غش، وما إلى ذلك من الأمور التي قد يشهدها أي إنسان في حياته اليومية، مؤكدًا أن تربية النساء، هو بداية طريق الإصلاح المجتمعي، وبناء أجيال ومجتمع صالح، قادر على مواجهة التحديات، وخدمة مجتمعه.
-
علي مبارك
لقب علي مبارك، ب “أبو التعليم في مصر”، بفضل إسهاماته العظيمة في قطاع التعليم، فعند توليه إدارة ديوان المدارس، في عهد الخديوي عباس الأول، قام بالعديد من الإنجازات في التعليم المصري، تمثل أبرزها في: تنظيم المدارس والعملية التعليمية، واختيار المناهج، وتعيين أكفأ المدرسين، للمشاركة في تأليف المناهج الدراسية، كما أنشأ مطابع خاصة لطباعة الكتب الدراسية، محققًا بذلك نهضة تعليمية شاملة، أشاد بها العالم أجمع.
بالإضافة إلى جهوده العظيمة في إنشاء كلية “دار العلوم”، فكلفه الخديوي إسماعيل، بإعداد التخطيط الهندسي، ووضع المناهج، واختيار من يقوم بالتدريس، لتبدأ “دار العلوم” عملها، وتضم صفوة أساتذة اللغة العربية في مصر، كما أصدر مجلة “روضة المدارس”، وذلك حرصًا منه على إحياء الآداب العربية، ونشر المعارف الحديثة.