عقدت أول مناظرة علمية عن بُعد، التي نظمها المعهد القومي للملكية الفكرية التابع لجامعة حلوان تحت رعاية الدكتور ماجد نجم رئيس الجامعة، وبإشراف علمي من الدكتور ياسر جاد الله عميد المعهد القومي للملكية الفكرية، وبحضور كلًا من أحمد عبد الغني، مدير مكتب حماية الملكية الفكرية بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، ومرتضي الديب، مدير وحدة الفحص الفني بمكتب الملكية الفكرية بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات.
مناظرة علمية:
وكانت المناظرة بعنوان (استخدام المنصات الالكترونية الأجنبية في التعليم عن بعد بين الفرص والتحديات) وأقيمت المناظرة برئاسة الدكتور ياسر جاد الله، فيما بين فريقين من الباحثين.
الفريق الأول كان بقيادة الباحث عاصم الشريف، وعضوية الباحثين أحمد ماهر وجمعة مدني، والذين قد تبنوا فكرة التحفظ على استخدام المنصات الالكترونية الأجنبية في التعليم عن بُعد.
أما الفريق الثاني كان بقيادة الباحث كوبال الشاذلي، وعضوية الباحثين تامر سيد وهابي بشير، والذين قد تبنوا تبنوا فكرة تأييد استخدام المنصات الالكترونية الأجنبية في التعليم عن بُعد.
بدأت المناظرة بالفريق البحثي المؤيد لاستخدام المنصات الإلكترونية وقد أتى طرحهم في مقدمة تاريخية لمشكلة توقف العملية التعليمية على مدار التاريخ الإنساني في ربط بين نظريتي القوة القاهرة والحوادث والظروف الاستثنائية كعوارض تسببت في تعطيل الدراسة على مستوي العالم مثل الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية من زلازل وموجات تسونامي وبراكين وأخيرًا الأوبئة التي مرت بها البشرية كالطاعون والكوليرا وما لازمهم من حجر صحي على مدن وعواصم عالمية.
وكان المحور الأول الذي ارتكز عليه الفريق البحثي بعنوان أهمية بناء منصات الكترونية تقدم حزمة من الخدمات الفنية في مجال التعليم والتدريب والمؤتمرات والاجتماعات، والذي فرق فيه الباحثين بين مسارين أحدهما إجبار والآخر اختياري، وتمثل المسار الاجباري في اللجوء الي نظام التعليم عن بعد في ظل القوة القاهرة والحوادث الاستثنائية أما المسار الاختياري هو الاعتماد على نظام التعليم عن بعد بديلًا عن التعليم التقليدي وما سيوفره من نفقات خاصة بالنسبة للدول النامية.
كما أتى المحور الثاني للفريق بعنوان الدور الحيوي الذي تلعبه المنصات الالكترونية الموجودة حاليًا مثل برنامجي (زوم – مايكروسوفت تيمز) كأشهر منصات تم الاعتماد عليها خلال جائحة كورونا، وقد عرض فيه فريق البحث بين ميزتين أولهما يتمثل في نجاح تلك المنصات في تقديم الخدمات المعرفية، وثانيهما الجوانب الاقتصادية المتمثلة في الخدمات الالكترونية المصاحبة لتلك المنصات وازدهار الاستثمار في التكنولوجيا.
وقد أتى المحور الأخير تحت عنوان أهم الفرص التي توفرها المنصات الالكترونية في التعليم عن بعد، والتي عدد فيها الباحثون للكثير من الفرص التي سيستفاد منها شعوب الدول النامية.
وختم الفريق البحثي العرض الخاص به بمجموعة من التوصيات أتت جميعها لصالح شعوب الدول النامية فضلًا عن التحذير من احتكار تلك الخدمات وتشجيع البحث والتطوير للإيجاد منصات بخدمات تنافسية.
بعدها قام الفريق الثاني بعرض وجهة النظر الخاصة بالتحفظ على استخدام المنصات الالكترونية، وأوضح الفريق في بداية العرض بأنهم لا ينكروا الدور الفعال التي قامت به تلك المنصات اثناء جائحة كورونا إلا أنهم قد عرضوا أهم التحفظات التي رأوها في هذا النظام
والذي أتى أولها في أن تلك المنصات قد أوردت بنودًا كثيرة في شروط الترخيص لاستخدام برامجها والتي يتعين على المستخدم قبولها سلفًا مما تعتبر معه تلك الشروط الاذعانيه فضلًا عن أنها تعطي لنفسها الحق في نسخ المحتوي والتعديل عليه ونشره وهو الأمر الذي يؤثر علي حق صاحب المحتوي التعليمي المعروض.
وقد أتى ثانيها في أن تلك المنصات قد حددت اختصاصًا قضائيًا لكافة المنازعات القضائية التي قد تحدث نتيجة استخدام تلك البرامج إلى قوانين ومحاكم دول أخري ومراكز تحكيمه رغمًا عن المستخدم لتلك البرامج
فيما أتى ثالثها بأن السيرفرات التي يتم تخزين كافة معلومات المستخدمين بها وكذلك المحتوي المقدم عبر تلك البرامج قد تكون موجودة في دول أخري غير الدولة الكائن بها مقر الشركة مالكة تلك المنصة الالكترونية.
وأخيرًا حذر الفريق من حدوث هجمات القرصنة الالكترونية التي تحدث على مثل تلك المنصات والاستحواذ منها على بيانات ومعلومات خاصة بالمستخدمين وأوضح أن الفضاء الالكتروني يلزم له اعداد ودفاع أمني سيبراني.
وشدد الفريق علي أن المعلومات الشخصية والمحتوي التعليمي المقدم مشمول بقوانين ومعاهدات دولية خاصة بالملكية الفكرية إلا أن تلك الشروط مجحفة بحقوق كافة المستخدمين وأوضح أن البديل لابد ان يكون عبر منصات الكترونية وطنية تنشئها كل دولة لتقديم الخدمات التعليمية لشعبها حفاظًا على الأمن القومي الخاص بكل دولة.
هذا وقد عقب كلًا من ين أحمد عبد الغني ومرتضي الديب، باعتبارهما متخصصين بأن هناك العديد من الثغرات الأمنية في المنصات الأجنبية والتي لاقت في الفترة الأخيرة هجمات الكترونية ضخمة تم سحب منها بيانات المستخدمين فضلًا عن المعلومات المرتبطة بهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وحذرا من خطورة الثغرات الأمنية الموجودة في تلك المنصات وشددا على ضرورة حماية المحتوي والعمل على انشاء منصات تعليمية وطنية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناظرة قد لاقت اهتمام كبير في أوساط الباحثين المهتمين بمجال الملكية الفكرية وقد توالت الأسئلة والاستفسارات على كلا الفريقين من الباحثين المتابعين للمناظرة.
وفي سؤال وجه الي المجموعة المؤيدة لاستخدام المنصات فى التعليم عن بعد بشأن أفضلية التعليم التقليدي أم التعليم عن بعد فقد أجاب الباحث تامر سيد، بأن التعليم عن بعد يوفر خدمات لم تكن متوافرة من قبل بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة من الصم والبكم لسهولة ترجمة المحتوي بلغة الإشارة فضلًا عن إعطاء الفرصة للمرأة العاملة والمعيلة لاستخدام حقها في التعليم دون التأثير على عملها وواجباتها كأم.
وفي سؤال آخر إلى ذات المجموعة بشأن دور المجتمع الدولي في تحفيز نظام التعليم عن بعد، فقد أجاب الباحث هابي بشير، بأنه قد تم بالفعل تدشين التحالف العالمي للتعليم التابع لمنظمة اليونسكو والذي ضم 140 عضوًا من أسرة الأمم المتحدة والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، إلا أن المجتمع الدولي مطالب بدور أكبر لتفعيل ودعم هذا النظام عن طريق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
من ناحية أخرى فقد تم توجيه سؤال للفريق المتحفظ على استخدام المنصات في التعليم عن بعد حول إمكانية التحفظ أو رفض شروط وأحكام استخدام تلك المنصات، فقد أجاب الباحث جمعة مدني، بأن هذه الشروط إذعانيه ولا يمكن للمستخدم التحفظ عليها أو رفضها إذ يعني ذلك رفض استخدام البرنامج ككل وأن الحل الأمثل يتمثل في ظهور منصات أخري للمنافسة وبالتالي التقليل من تلك الشروط المجحفة.
كما تم توجيه سؤال آخر لذات المجموعة عن الطرق القانونية للحفاظ على حقوق ملكية المحتوي، فقد أجاب الباحث أحمد ماهر، بضرورة استخدام نظام الحماية الذأتىة للمحتوي في المرحلة الراهنة والتي تحول دون نسخه أو إعادة بثه من قبل المستخدمين فضلًا عن إنشاء منصات وطنية خاضعة للقوانين المحلية للدولة هي الطريقة المثلي لحماية المحتوي.
وقد اختتم الدكتور ياسر جاد الله عميد المعهد القومي للملكية الفكرية، المناظرة بالتقريب بين وجهتي النظر بضرورة اللجوء الي التعليم الهجين والأخذ في الاعتبار بالمخاطر والمحاذير التي أشار إليها الباحثين والمتخصصين، وقد خلصت المناظرة وبتأييد أغلبية الباحثين من المجموعتين والحضور إلى التوصيات الأتىة:
أولًا: ضرورة وضع فترة مؤقتة لاستخدام المنصات الالكترونية الأجنبية لحين إنشاء منصات وطنية يمكن حمايتها من الهجمات السيبرانية بواسطة الجهات والمؤسسات المعنية فضلًا عن وضعها في إطار القوانين المحلية، والحفاظ على الأمن القومي.
ثانيًا: تخصيص منصة تعليمية منفصلة لكل مؤسسة تعليمية حتى لا تتعطل جميع المنظومة التعليمية المحلية دفعة واحدة نتيجة عطل تقني علي سبيل المثال في حالة كانت هناك منصة واحده.
ثالثًا: إنشاء إدارة للمنصات الالكترونية بكل مؤسسة تعليمية.
رابعًا: ضرورة وضع تشريع منظم لتلك المنصات التعليمية أو إجراء تعديل تشريعي في قانون تنظيم الجامعات بخصوص هذا الشأن.